ثمّ يضيف القرآن في وصفهم قائلا : (وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا).
أجل : كانت تلاوة الآيات عليهم كافية لأن يقولوا «آمنا» ... ثمّ يضيف القرآن متحدثا عنهم : إنّنا مسلمون لا في هذا اليوم فحسب ، بل (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) إنّنا وجدنا علائم النّبي صلىاللهعليهوآله في كتبنا السماوية وتعلقت قلوبنا به ، وانتظرناه بفارغ الصبر ـ وفي أوّل فرصة وجدنا بها ضالتنا أمسكنا بها ـ وقبلناه «بقلوبنا وأرواحنا».
ثمّ يتحدث القرآن الكريم عن هذه الجماعة التي آمنت بالنّبي من غير تقليد أعمى ، وإنّما طلبا للحق ، فيقول : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا).
فمرّة لإيمانهم بكتابهم السماويّ الذي كانوا صادقين أوفياء لعهدهم معه ... ومرّة أخرى لإيمانهم بنبيّ الإسلام العظيم صلىاللهعليهوآله النّبي الموعود المذكور عندهم في كتبهم السماوية.
ويحتمل ـ أيضا ـ كما هو مستفاد من الآيات المتقدمة ، إنّما يؤتون أجرهم مرتين ؛ لأنّهم آمنوا بنبي الإسلام قبل ظهوره ، وحين ظهر لم يكفروا به بل آمنوا به كذلك.
وهؤلاء بذلوا جهدا وصبروا زمانا طويلا ليؤدوا ما عليهم من وظيفة ومسئولية ... ولم يرض بأعمالهم المنحرفون من اليهود ولا النصارى ، ولم يسمح لهم تقليد السابقين والجوّ الاجتماعي أن يتركوا دينهم ويسلموا ، إلّا أنّهم وقفوا وصبروا وتجاوزوا هوى النفس والمنافع الذاتية ، فنالوا ثواب الله وأجره مرّتين.
ثمّ يشير القرآن الكريم إلى بعض أعمالهم الصالحة من قبيل «دفع السيئة بالحسنة» و «الإنفاق ممّا رزقهم الله» و «المرور الكريم باللغو والجاهلين» وكذلك الصبر والاستقامة ، وهي خصال أربع ممتازة.