حكومة إلهية على أساس العدل ... وحضارة عامرة حرّة ... دون الإفادة من علم واسع غير ممكن ... وهكذا فإنّ القرآن يعدّ مقام العلم لتشكيل حكومة صالحة أوّل حجر أساس لها!.
وبعد هذه الجملة ينقل القرآن ما قاله داود وسليمان من ثناء لله : (وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ).
والذي يجلب النظر هو أنّه بعد بيان هذه الموهبة الكبيرة «العلم» يجري الكلام عن «الشكر» مباشرة ... ليكون واضحا أنّ كل نعمة لا بدّ لها من شكر ، وحقيقة الشكر هو أنّ يستفاد من النعمة في طريقها الذي خلقت من أجله.
وهذان النبيّان العظيمان عليهماالسلام استفادا من نعمة علمهما الاستفادة القصوى في تنظيم حكومة إلهية.
وقد جعل داود وسليمان معيار تفضيلهما على الآخرين «العلم» لا القدرة ولا الحكومة ، وعدّا الشكر للعلم لا لغيره من المواهب ، لأنّ كلّ قيمة هي من أجل العلم ، وكلّ قدرة تعتمد أساسا على العلم.
والجدير بالذكر أنّهما يشكران الله ويحمدانه لتفضيلهما ولحكومتهما على امّة مؤمنة .. لأنّ الحكومة على امّة فاسدة غير مؤمنة ليست مدعاة للفخر!
وهنا ينقدح هذا السؤال ، وهو : لم قال داود وسليمان (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) ولم يقولا على عباده المؤمنين جميعا ، مع أنّهما كانا نبيّين ، وهما أفضل أهل عصرهما؟
ولعلّ هذا التعبير رعاية لأصول الأدب والتواضع ، إذ على الإنسان أن لا يرى نفسه أفضل من الجميع في أي مقام كان!
أو لأنّهما كانا ينظران إلى جميع الأزمنة ، ولم ينظرا إلى مقطع زمنيّ خاص ، ونعرف أن على مدى التأريخ يوجد أنبياء كانوا أفضل منهما.
والآية التالية تتكلم على إرث سليمان أباه داود أولا ، فتقول : (وَوَرِثَ