والمعبود معا شريكان «في النّار» (١).
الطريف الذي يستلفت النظر ، هو أنّ كل واحد من المنحرفين يتبرأ في ذلك اليوم من الآخر وكل يسعى لأن يلقي تبعة ذنبه على صاحبه.
وهذا يشبه تماما ما قد نراه في هذه «الدنيا» من اجتماع رهط على أمر ما حتى إذا وقعوا في مخالفة القانون ، وألقي القبض عليهم ، وأحضروا إلى المحكمة ، يتبرأ كلّ واحد من الآخر ويلقي بعضهم الجريمة على صاحبه ، فهكذا هي عاقبة المنحرفين والضالين في الدنيا والآخرة!
كما نجد مثل هذا في الآية (٢٢) من سورة إبراهيم (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ).
ونقرأ في الآية (٣٠) من سورة الصافات في شأن المشركين الذين يتحاجون في يوم القيامة مع أتباعهم فيقولون : (وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ).
وعلى كل حال ، فتعقيبا على السؤال عن آلهتهم. وعجز المشركين عن الجواب. يطلب أن يدعوهم لنصرتهم (وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) (٢).
وحيث يعلم المشركون أن دعاءهم غير نافع ، وأن المعبودين «الشركاء» لا يمكن أن يفعلوا شيئا من شدّة الهلع والوحشة ، أو استجابة لأمر الله الذي يريد
__________________
(١) ويحتمل في الآية الآنفة ـ أيضا ـ أنّ القائلين جوابا على سؤال الله هم رؤوساء المشركين «أي جماعة من عبدة الأصنام» فهم من أجل أن يفروا عن الجواب يتحدثون عن أتباعهم ، ويقولون : ربّنا إنّنا غوينا فمضينا في طريق الشرك ، وهؤلاء اتبعونا طوعا فأغويناهم ، ولكنّهم لم يطيعونا «العبادة في الآية الآنفة معناها الطاعة» وإنّما أطاعوا هواهم ، ولكن التّفسير السابق أظهر.
(٢) التعبير بـ «شركاءكم» مع أن هؤلاء الشركاء كانوا قد جعلوا شركاء الله سبحانه ، هو اشارة إلى أنّ هؤلاء الشركاء من صنعكم وهم متعلقون بكم لا بالله ...