يشعرون بالراحة النفسية والنشوة تدغدغ قلوبهم ..
وبالرغم من أن عرض الثروة هذا غالبا ما يكون سببا للبلاء عليهم ، لأنّه يربي الأحقاد في الصدور ويعبئ الحساسيّات ضده ، وكثيرا ما ينهي هذا العمل الرديء حياة الإنسان ، أو يزيل ثروته مع الريح!.
ولعل هذا الجنون يحمل هدفا من قبيل إغراء الطامعين وتسليم الأفراد المعاندين ولكن الأثرياء غالبا ما يقومون بهذا العمل دون هدف ، لأنّه نوع من الهوى والهوس وليس خطة أو برنامجا معينا.
وعلى كل حال فإن قارون لم يكن مستثنى من هذا القانون ، بل كان يعدّ مثلا بارزا له ، والقرآن يتحدث عنه في جملة موجزة في بعض آياته فيقول : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ). امام قومه من بني إسرائيل.
والتعبير بـ «في زينته» ناطق عن هذه الحقيقة ، وهي أنّه أظهر جميع قدرته وقوته ليبدي ما لديه من زينة وثروة.
ومعلوم طبعا إنّ رجلا بهذه المثابة من الثروة ما ذا يستطيع أن يفعل!؟
وينقل في التاريخ ـ في هذا الصدد قصص كثيرة ـ مقرونة بالأساطير أحيانا ، فإنّ بعضهم يكتب أنّ قارون خرج في استعراض كبير ، وقد أركب أربعة آلاف نفر على أربعة آلاف فرس حمر «غالية القيمة» مغطاة بالقماش الفاخر ، وقد ملأها زينة من الذهب والجواهر الأخرى ، فمرّ بهذا الاستعراض على بني إسرائيل .. وقد أثار هذا المنظر الناس ، إذ رأوا أربعة آلاف من الخدم ابيض يلبسون ثيابا حمرا مع زينتهم.
وقال بعضهم : بل بلغ عدد هؤلاء «الخدم والحشم» سبعة آلاف نفر ، وذكروا أخبارا أخرى في هذا الصدد.
ولو فرضنا أن كل ذلك مبالغ فيه ، إلّا أنّه لا يمكن إنكار هذه الحقيقة ، وهي أن قارون لديه ثروات مهمّة أظهرها في زينته!