برجولة وشهامة ـ امام الحرمان ، ولا يطأطئون رؤوسهم للأراذل ويقفون كالجبال الرواسي في الامتحان الإلهي ـ امتحان الثروة والمال والخوف والمصيبة ... وهؤلاء هم الجديرون بثواب الله سبحانه!.
ومن المسلم به أنّه المقصود بجملة (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) هم علماء بني إسرائيل ، ومن بينهم «يوشع» وهو من كبار رجالهم.
غير أنّ الطريف في الأمر أن القرآن عبّر عن الطائفة الأولى بجملة (الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) لكنّه لم يعبر عن الطائفة الثّانية بأنّهم «الذين يريدون الحياة الاخرة» بل عبر عنهم بـ (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) فحسب ، لأنّ العلم هو أساس كل شيء وجذر الإيمان والاستقامة والعشق للثواب الإلهي والدار الآخرة ..
كما أن التعبير بـ (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) هو جواب دامغ ـ ضمنا ـ لقارون الذي يدّعي العلم ، فالقرآن يريد أن يبيّن أن العلماء هم هؤلاء الذين لا يريدون الحياة الدنيا ، أمّا أنت يا قارون فمغرور وطائش!.
وهكذا نرى مرّة أخرى أنّ أساس البركات والخيرات هو العلم الحقيقي.
لقد أوصل قارون بعمله هذا طغيانه وعناده إلى الدرجة القصوى غير أن ما ورد في التواريخ حكاية منقولة عن قارون تدل على منتهى الخسة وعدم الحياء! ننقلها هنا حسب تفصيلها!.
فقال له موسى عليهالسلام إنّ الله أمرني أن آخذ الزكاة فأبى فقال : إنّ موسى يريد أن يأكل أموالكم جاءكم بالصلاة وجاءكم بأشياء فاحتملتموها فتحتملوه أن تعطوه أموالكم؟ قالوا : لا نحتمل فما ترى؟ فقال لهم : أرى أن أرسل إلى بغي من بغايا بني إسرائيل فنرسلها اليه فترميه بأنّه أرادها على نفسها فأرسلوا إليها فقالوا لها : نعطيك حكمك على أن تشهدي على موسى أنّه فجر بك قالت نعم.
فجاء قارون إلى موسى عليهالسلام قال : اجمع بني إسرائيل فأخبرهم بما أمرك ربّك قال : نعم ، فجمعهم فقالوا له : بم أمرك ربّك؟ قال : أمرني أن تعبدوا الله ولا تشركوا