وظيفتهم أن يتأسوا بالنّبي ولا يكون أيّ منهم ظهيرا للكافرين.
وهذا الموضوع ينسجم تماما مع الموضوع الذي قرأناه في شأن موسى عليهالسلام ، إذ قال : (رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ ..) وبيّنا معناه في شأن إعانة الظالمين في الآية (١٧) من سورة القصص ، أمّا الآيتان اللتان تختتم بهما سورة القصص ، فهما تأكيد على مسألة التوحيد بتعابير واستدلالات متعددة ـ ومختلفة.
التوحيد الذي هو أساس جميع المسائل الدينية ... التوحيد الذي هو الأصل وهو الفرع وهو الكلّ وهو الجزء!.
وفي هاتين الآيتين أربعة أوامر من الله لنبيّه صلىاللهعليهوآله ، وأربعة صفات لله تعالى ، وبها يكتمل ما ورد في هذه السورة من أبحاث.
يقول أوّلا : (وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ) وبالرغم من أن النهي موجه إلى الكفار ، إلّا أن مفهوم الآية عدم تسليم النّبي صلىاللهعليهوآله أمام صدّ الكافرين ، وإحباطهم ومؤامراتهم ، وهذا تماما يشبه ما لو قلنا مثلا : لا ينبغي أن يوسوس لك فلان ، فمعناه : لا تستسلم لوسوسته!.
وبهذا الأسلوب يأمر الله النّبي صلىاللهعليهوآله أن يقف راسخ القدم عند نزول الآيات ولا يتردد في الأمر ، وأن يزيل الموانع من قارعة الطريق مهما بلغت ، وليسر نحو هدفه مطمئنا ، فإنّ الله حاميه ومعه أبدا.
ويقول ابن عباس : وإن كان المخاطب هو النّبي صلىاللهعليهوآله ، إلّا أنّ المراد عموم الناس ، وهو من قبيل المثل العربي المعروف «إيّاك أعني واسمعي يا جارة!».
وبعد هذا الخطاب الذي فيه جنبة نهي ، يأتي الخطاب الثّاني وفيه سمة إثبات فيقول : (وَادْعُ إِلى رَبِّكَ ..) فالله الذي خلقك وهو الذي ربّاك ورعاك ...
والأمر الثالث ، بعد الأمر بتوحيد الله ، هو نفي جميع أنواع الشرك وعبادة الأصنام (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ...) فإن طريق التوحيد واضحة بينة ، ومن