كما جاء التعبير عن الجنّة (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) أو ما شابه ذلك ، وهي إشارة لخلق الجنّة وأنّها مهيأة للمتقين .. وقد ورد هذا التعبير في موضعين من آيات القرآن «الآية ١٢٣ من سورة آل عمران والآية ٢١ من سورة الحديد».
كما ورد التعبير عن النّار بـ (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) في موضعين من القرآن أيضا «البقرة الآية ٢٤ وآل عمران الآية ١٣١».
فهل ستفنى الجنّة والنار في انتهاء العالم؟!
ثمّ بعد هذا كلّه فنحن نعتقد بالحياة البرزخية للإنسان ، ونستفيد ذلك من آيات القرآن في شأن الأرواح ، فهل ستفنى تلك أيضا؟!
والجواب على جميع الأسئلة يتّضح بما يلي :
إنّ كثيرا ما يتفق أن يكون المراد من الهلاك والعدم هو تخلخل النظام ودماره ، لا تلاشيه وفنائه فلو أن عمارة مثلا تهدمت بسبب الزلزلة فهنا يصدق عليها الفناء والهلاك ، في حين أنّ مواد العمارة لا تزال موجودة ، غير أن نظامها قد أختل وانعدم فحسب!.
ونعرف أن في نهاية هذا العالم ستنطفئ الشمس ، ويظلم القمر ، وتندك الجبال ، وتموت الموجودات الحيّة ، فهذا معنى هلاكها! هذا من جهة!.
ومن جهة أخرى فإنّ الفناء متعلق بهذه الدنيا ، وما في هذه الدنيا ... أمّا الجنّة والنّار فسواء كانتا داخل هذا العالم أو خارجه ، فليستا جزءا من هذه الدنيا ليشملهما حكم الفناء والعدم لنظامهما ، فهما متعلقتان بالآخرة لا بالدنيا!
ومن جهة ثالثة ، فإنّا ذكرنا آنفا أنّ الهلاك ـ أو الفناء ـ بالنسبة للموجودات الممكنة غير منحصر بانتهاء هذا العالم .. فهي هالكة وفانية الآن أيضا ، لأنّها لا تملك شيئا في داخل ذاتها ، وكل ما عندها فمن غيرها ، فهي متغيرة ودائمة الحركة ، ومعنى ذلك الفناء التدريجي والمركب من الوجود والعدم!
ومع بيان ما تقدم يتّضح الجواب على الأسئلة السابقة تماما!