فالجماعة الذين يعيشون في محيط ملوث بالمفاسد والوساوس تحيط بهم من كل جانب ، فإن امتحانهم الكبير في مثل هذا الجو والظروف ، هو أن لا يتأثروا بلون المحيط وأن يحفظوا أصالتهم ونقاءهم.
والجماعة الذين يعيشون تحت ضغط الحرمان والفقر ، يرون بأنّهم لو صمموا على ترك رأس مالهم الأصيل «الإيمان» فإنّهم سرعان ما يتخلصوا من الفقر والحرمان لكن ثمن ذلك هو فقدانهم للإيمان والتقوى والكرامة والحرية والشرف ، فهنا يكمن امتحانهم ..
وجماعة آخرون على عكس أولئك غرقى في اللذائذ والنعم ، والإمكانات المادية متوفرة لديهم من جميع الوجوه ... ترى هل يؤدون في مثل هذه الظروف الشكر على النعم .. أم سيبقون غرقى في اللذائذ والغفلة وحب الذات والأنانية ... غرقى الشهوات والاغتراب عن المجتمع وعن أنفسهم!
وجماعة منهم كالمتغربين في عصرنا ، يرون بعض الدول بعيدة عن الله والفضيلة والأخلاق حقّا ، ولكنّها تتمتع بالتمدن المادي المذهل والرفاه الاجتماعي. هنا تجذب هؤلاء المتغرّبين قوّة خفية إلى سلوك هذا النوع من الحياة أو سحق جميع القيم والأصول والأعراف التي يعتقدون بها ، ويبيعون أنفسهم أذلاء عملاء لتلك الدول ، ليوفروا لهم ولمجتمعهم مثل هذه الحياة ... وهذا نوع آخر من الامتحان.
المصائب ، والآلام والهموم ، والحروب والنزاعات ، والقحط والغلاء ، وما تثيره الحكومات الأنانية لتجذبهم إليها وتستعبدهم به وأخيرا الأمواج النفسية القوية والشهوات ، كلّ منها وسيلة للامتحان في طريق عباد الله ، والسائرين في الميادين التي تتميز فيها شخصية الأفراد وتقواهم وإيمانهم وطهارتهم وأمانتهم وحريتهم .. إلخ.
ولكن لا طريق للانتصار في هذه الامتحانات الصعبة لاجتيازها إلّا الجدّ