والعودة إلى ساحة الله تعالى.
وما ذهب إليه بعض المفسّرين من أنّ هذه الآية هي إشارة إلى المؤمنين المذنبين ، فلا يناسب هذا التّفسير سياق الآيات بأي وجه ، بل جميع القرائن تدل على أنّ المقصود بالآية هم المشركون والكفار.
ثمّ يتحدث القرآن مرّة أخرى عن سير المؤمنين ومناهجهم ، ويقدم النصح لهم ، فيقول: (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ) فعليه أن يعمل ما في وسعه على امتثال الأوامر الإلهية والأحكام الشرعية ، لأنّ الوقت المعيّن سيأتي حتما (فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) (١).
أجل ، إنّ وعد الله هذا لا يقبل التخلّف ، هو طريق لا بدّ من اجتيازه ، ثمّ إنّ الله سبحانه يسمع أحاديثكم ، وهو مطلع على أعمالكم ونيّاتكم ... لأنّه (هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
وفي معنى قوله تعالى : (لِقاءَ اللهِ) وما المقصود منه؟ فسّره بعض المفسّرين بملاقاة الملائكة ، كما فسّره البعض بملاقاة الحساب والجزاء .. وبعض بملاقاة الحكم وأمر الحق .. وآخرون بأنّه كناية عن يوم القيامة .. في حين أنّه لا دليل على أن تفسّر هذه الآية بهذه المعاني المجازية.
وينبغي القول أن «لقاء الله» في يوم القيامة ليس لقاء حسيّا بل نوعا من الشهود الباطني ، لأنّ الستائر الضخمة لعالم المادة تنكشف عن عين روح الإنسان ، وتبدو في حالة الشهود للإنسان!
وكما يقول العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان : إنّ المقصود من لقاء الله ، هو أنّ العباد يكونون في موقف لا يكون بينهم وبين الله حجاب ، لأنّ طبيعة يوم القيامة هي ظهور الحقائق كما يقول القرآن : (وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ)
__________________
(١) هذه الجملة ـ في الحقيقة ـ فيها حذف ، والتقدير «من كان يرجو لقاء الله فيبادر بالطاعة قبل أن يلحقه الأجل» أو «من كان يرجو لقاء الله ويقول آمنت بالله فليقله مستقيما صابرا عليه فإنّ أجل الله لآت».