وبعد ذلك ، ومن أجل أن لا يتصور أن هؤلاء الدعاة للكفر والشرك وعبادة الأصنام والظلم ، لا شيء عليهم من العقاب لهذا العمل ، فإنّ القرآن يضيف في الآية التالية قائلا : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ).
وثقل الذنب هذا ... هو ثقل ذنب الإغراء والإغواء وحث الآخرين على الذنب ، وهو ثقل السنّة التي عبّر عنها النّبي صلىاللهعليهوآله فقال : «من سنّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من وزره شيء!» (١).
المهم أنّهم شركاء في آثام الآخرين ، وإن لم ينقص من وزر الآخرين وإثمهم مقدار من رأس الإبرة.
وتختتم الآية بالقول : (وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ).
وينقدح هنا سؤال آخر وهو : ما المراد من هذا الافتراء الذي يسألون عنه؟! ولعل ذلك إشارة إلى الافتراءات التي نسبوها إلى الله ، وكانوا يقولون : «إن الله أمرنا أن نعبد الأصنام!».
أو أنّه إشارة إلى كلامهم الذي كانوا يقولون : «ولنحمل خطاياكم».
لأنّهم كانوا يدّعون أن مثل تلك الأعمال لا يترتب عليها إثم ... وإن هذا الكلام كان افتراء ، وينبغي أن يجيبوا على ما يسألون بصدده!
أو أنّه يقال لهم على نحو الحقيقة والواقع يوم القيامة : هلموا لتحملوا أثقال الآخرين ، فيمتنعون من ذلك ويظهر كذبهم وافتراءهم .... أو أنّ ظاهر كلامهم كان يعني أن كلّ إنسان يمكن أن يتحمل وزر الأخر ويكون مسئولا عنه ، في حين أن هذا الكلام كذب وافتراء محض أيضا ، وكل إنسان مسئول عن عمله!.
* * *
__________________
ـ ويلاحظ هذا في التعبيرات العرفية أيضا ... لأنّ الشخص ـ مثلا ـ إذا أمر بشيء ما فهو دليل على تعلقه به ، وحين نقول : إنّه يكذب ، فمعناه أنّه لم يطلبه «فلاحظوا بدقّة».
(١) التّفسير الكبير للرازي ، ج ٢٥ ، ص ٤٠.