«الألف» وأيّ ألف؟ ألف سنة! يعدّ مهما وعددا كبيرا بالنسبة لمدّة التبليغ.
وظاهر الآية الآنفة أنّ هذا المقدار لم يكن هو عمر نوح عليهالسلام بتمامه (وإن ذكر ذلك في التوراة الحديثة ، في سفر التكوين الفصل التاسع) بل عاش بعد الطوفان فترة أخرى ، وطبقا لما قاله بعض المفسّرين فقد كانت الفترة هذه ثلاثمائة سنة!
طبعا ... هذا العمر الطويل بالقياس إلى أعمار زماننا كثير جدا ولا يعدّ طبيعيّا أبدا ، ويمكن أن يكون ميزان العمر في ذلك العصر متفاوتا مع عصرنا هذا ... وبناء على المصادر التي وصلت إلى أيدينا فإنّ قوم نوح كانوا معمرين ، وعمر نوح بينهم أيضا كان أكثر من المعتاد ، ويشير هذا الأمر ضمنا إلى هيئة تركيب أجسامهم كانت تمكّنهم من أن يعمّروا طويلا.
إنّ دراسات العلماء في العصر الحاضر تدلّ على أن عمر الإنسان ليس له حد ثابت ، وما يقوله بعضهم بأنّه محدود بمائة وعشرين سنة ، وأكثر أو أقل ، فلا أساس له ... بل يمكن أن يتغير بحسب اختلاف الظروف.
واليوم وبواسطة التجارب استطاع العلماء أن يضاعفوا عمر قسم من النباتات أو الموجودات الحيّة ، إلى اثني عشر ضعفا على العمر الطبيعي ، وحتى في بعض الموارد ـ ولا تتعجبوا ـ أو صلوا هذه الفترة للنباتات أو غيرها إلى تسعمائة مرّة ضعف عمرها الطبيعي ... وإذا حالفهم التوفيق فيمكنهم أن يضاعفوا عمر الإنسان ، فيمكن أن يعمّر الإنسان عندئذ آلاف السنين. (١)
وينبغي الالتفات ضمنا إلى أن كلمة «الطوفان» في الأصل معناها كل حادثة تحيط بالإنسان ، وهي مشتقّة من مادة «الطواف» ، ثمّ استعمل هذا التعبير للماء الغزير أو السيل الشديد الذي يستوعب مساحة كبيرة من الأرض ويغرقها ، كما يطلق على كل شيء كثير وشديد وفيه حالة الاستيعاب ، سواء كان ريحا أو نارا
__________________
(١) لمزيد التوضيح في مسألة طول العمر ، بمناسبة الأبحاث المتعلقة بطول عمر المهدي عليهالسلام ، يراجع كتاب «المهدي تحول كبير».