للمنعم الحقيقي ، وتعرفون أن المنعم الحقيقي هو الله ، فالشكر والعبادة يختصان ـ أيضا ـ بذاته المقدسة.
وإذ كنتم تبتغون الدار الأخرى فإنّه (إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
فالأصنام لا تصنع شيئا هنا ولا هناك!.
وبهذا الأدلّة الموجزة والواضحة ألجم منطقهم الواهي وأفحمهم.
ثمّ يلتفت إبراهيم عليهالسلام مهدّدا لهم ومبديا عدم اكتراثه بهم قائلا : (وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) كذبوا أنبياءهم فنالوا الخزي بتكذيبهم والعاقبة الوخيمة (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) سواء استجاب له قومه ، أم لم يستجيبوا له دعوته وبلاغه!
والمقصود بالأمم قبل أمة إبراهيم عليهالسلام ، أمة نوح عليهالسلام وما بعده من الأمم وبالطبع فإنّ ارتباط هذه الآيات يوجب أن تكون هذه الجملة من كلمات إبراهيم عليهالسلام ، وهذا ما يذهب إليه كثير من المفسّرين عند تفسيرهم للنص ، أو يحتملون ذلك!.
والاحتمال الآخر : إنّ الخطاب في هذه الآية للمشركين من أهل مكّة المعاصرين للنّبي صلىاللهعليهوآله وجملة (كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) فيها تتناسب أكثر مع هذا الاحتمال.
أضف إلى ذلك ، فإنّ نظير هذا التعبير الذي ورد في الآية ٢٥ من سورة الزمر ، والآية (٢٥) من سورة فاطر ، هو أيضا في شأن نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله والمشركين العرب في مكّة. ولكن ـ وعلى أي حال ـ أيّا من التّفسيرين كان ذلك ، فليس هناك تفاوت في النتيجة!.
والقرآن يترك قصّة إبراهيم هنا مؤقتا ، ويكمل البحث الذي كان لدى إبراهيم في صدد التوحيد وبيان رسالته بدليل المعاد ، فيقول : (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ).