بعض التواريخ ، فإنّهم كانوا يتسابون بكلمات الفحش والابتذال ، أو يضرب أحدهم الأخر على ظهره. أو يلعبون القمار ، وأو يعبثون كالأطفال وخاصة الترامي بالحجارة الصغيرة فيما بينهم أو على العابرين ، ويستعملون أنواع الآلات الموسيقية ، ويكشفون عوراتهم في مجتمعهم ويغدون عراة ... إلخ (١).
في حديث عن النّبي صلىاللهعليهوآله كما تنقله «أم هاني» أنّه قال مفسرا لمعنى : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) أنّهم «كانوا يخذفون من يمرّ بهم ويسخرون منه» (٢) أي يرمون من يمرّ بهم بالحجارة ويسخرون منه.
والآن فلنلاحظ ما ذا كان جواب هؤلاء القوم الضالين المنحرفين ، على كلمات النّبي لوط عليهالسلام المنطقية.
يقول القرآن : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).
أجل هكذا ، كان جواب هؤلاء المفتونين فاقدي العقل والدراية إذ أجابوا به من منطلق السخرية والاستهزاء إزاء دعوة لوط عليهالسلام المنطقية والمعقولة.
كما يستفاد جيدا من هذا الجواب أنّ لوطا عليهالسلام كان قد هدّدهم بعذاب الله ، بالإضافة إلى كلامه البيّن ذي الدليل الواضح في ما لو استمروا بهذا العمل القبيح ، إلّا أنّهم تركوا جميع مواعظه وتمسكوا بتهديده بالعذاب ، فقالوا : (ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ) على سبيل الاستهزاء والسخرية!! ... كما أشير إلى هذا الموضوع في سورة القمر الآية (٣٦) بقوله تعالى : (وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ).
ويستشف ـ ضمنا ـ من تعبير هؤلاء القوم أنّهم كانوا يريدن أن يستنتجوا من عدم نزول العذاب على كذب لوط عليهالسلام ، في حين أن رحمة الله هي التي تمهلهم وتعطيهم الفرصة لمراجعة أنفسهم وإعادة النظر!
__________________
(١) سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٥١٧.
(٢) تفسير القرطبي ذيل الآيات محل البحث.