«من أحبّ أن يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل ، فلينظر هل منعت صلاته عن الفحشاء والمنكر؟! فبقدر ما منعته قبلت منه!» (١).
ويقول القرآن تعقيبا على ما ذكره ومن شأن الصلاة (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ).
وظاهر الجملة هو بيان غاية وحكمة أخرى في الصلاة ، أي أن أثرا آخر من آثار الصلاة وبركاتها أهم من كونها تنهى عن الفحشاء والمنكر هو تذكير الإنسان بربّه ، هذا الذكر هو أساس السعادة والخير ، بل العامل الأصلي للنهي عن الفحشاء والمنكر أيضا هو ذكر الله ، وكونه أكبر لأنّه العلّة والأساس للصلاة!.
وأساسا ... فإنّ ذكر الله فيه حياة القلوب ودعتها ، ولا شيء يبلغ مبلغه (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (٢).
ولا ريب أنّ روح العبادة بجميع أقسامها ـ صلاة كانت أم غيرها ـ هو ذكر الله ، فأذكار الصلاة ، وأفعالها ومقدماتها ، جميعها في الواقع تحيي ذكر الله في قلب الإنسان.!
وممّا يلفت النظر أن في الآية (١٤) من سورة طه إشارة إلى هذه الحكمة الأساسية من الصلاة ، إذ نلاحظ فيها الخطاب لموسى قائلا : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي).
إلّا أنّ المفسّرين الكبار ذكروا للجملة المتقدمة تفسيرات أخرى ، وقد ورد في الرّوايات الإسلامية إشارة إليها أيضا ... من ضمنها : إنّ المراد من الجملة المتقدمة ، أن ذكر الله لكم برحمته أكبر من ذكركم لله بطاعته (٣).
ومنها : إنّ ذكر الله أكبر من الصلاة وأعلى ، لأنّ روح كل عبادة «ذكر الله».
وهذا التّفاسير التي ورد بعضها في الرّوايات الإسلامية ، ربّما كانت إشارة إلى
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) الرعد ، الآية ٢٨.
(٣) على ضوء هذا التّفسير يكون لفظ الجلالة «الله» فاعلا في المعنى ، وعلى التّفسير السابق يكون مفعولا.