هذه الكذبة المفضوحة والمكشوفة؟ خاصة أن هذه الآيات نزلت في مكّة ، مهد نشأة النّبي صلىاللهعليهوآله وكذلك في قبال الأعداء الألدّاء الذين لا تخفى عليهم أقل نقطة ضعف!!.
وفي الآية التالية علامة أخرى أيضا على حقانية القرآن ، إذ تقول : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ).
والتعبير بـ «الآيات البينات» كاشف عن هذه الحقيقة وهي أن دلائل حقانية القرآن تتجلى بنفسها عيانا ، وتشرق في أرجائه ، فدليلها معها.
وفي الحقيقة ، إنّها مثل الآيات التكوينية التي تجعل الإنسان يذعن بحقيقتها عند مطالعتها دون حاجة إلى شيء آخر ، هذه الآيات التشريعية ـ أيضا ـ من حيث ظاهرها ومحتواها كذلك ، إذ هي دليل على صدقها.
ثمّ بعد هذا كلّه ، فإنّ أتباع هذه الآيات وطلابها المشدودة قلوبهم إليها هم أولوا العلم والاطلاع ، بالرغم من أن أيديهم خالية وأرجلهم حافية!.
وبتعبير أوضح : إنّ واحدا من طرق معرفة أصالة مذهب ما دراسة حال المؤمنين به ، فإذا كان الجهال المحتالون قد التفوا حول الشخص ، فهو أيضا من نسيجهم ، ولكن إذا كان من التفّ حول الشخص هم الذين امتلأت صدورهم بأسرار العلوم وهم أوفياء له ، فيكون هذا الأمر دليلا على حقانية ذلك الشخص ، ونحن نرى أن جماعة من علماء أهل الكتاب ، ورجالا متقين أمثال أبي ذر وسلمان والمقداد وعمار بن ياسر ، وشخصية كبيرة كعلي بن أبي طالب عليهالسلام ، هم حماة هذا المبدأ.
وفي روايات كثيرة منقولة عن أهل البيت عليهمالسلام ، إنّ المراد بالذين أوتوا العلم هم الأئمّة من أهل البيت عليهمالسلام وطبعا ... فليس هذا المعنى منحصرا فيهم ، بل هم المصداق الجلي لهذه الآية (١).
__________________
(١) هذه الرّوايات وردت في تفسير البرهان الجزء الثالث ، ص ٢٥٤ فما بعد بشكل مفصل.