أن تجتمع هذه التفاسير في معنى الآية أيضا.
وتختتم الآية بنحو من الوعيد والتهديد لأولئك الكفار بالله ، فيقول : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ).
وأي خسران أعظم من أن يعطي الإنسان جميع وجوده في سبيل لا شيء؟! كما فعله المشركون ، فقد أعطوا قلوبهم وأرواحهم للأوثان والأصنام .. ووظّفوا جميع قواهم الجسمانية والإمكانات الاجتماعية والفردية في سبيل الإعلام والتبليغ لمذهبهم الوثني وأهملوا ذكر الله ، فلم يعد عليهم هذا إلّا بالضرر والخسران!.
وغالبا ما يشير القرآن إلى هذا الخسران في آياته ، وفي بعض الآيات يرد التعبير بكلمة «أخسر» وهي إشارة إلى أنّه ليس فوق هذا الخسران من خسارة ولا أعظم منه! .. (راجع آيات السور «هود ٢٢ والنمل ٥ والكهف ١٠٣»).
والمثل الأهمّ هو أنّه قد يتفق للإنسان أحيانا أن يتضرر في معاملته ويخسر رأس ماله ويغلب على أمره ، وقد تتسع هذه الدائرة أحيانا فيقل كاهله بالديون ، وهذه الحالة أسوأ الحالات والمشركون هم في مثل هذه الحالة ، بل قد يكونون سببا لضلال الآخرين وخسرانهم ، وكما يصطلح عليه : «الفشل سلسلة متصلة» (١).
في الآيات المتقدمة عرض قسمان من ذرائع الكفار قبال دعوة النّبي صلىاللهعليهوآله وقد أجيب عنهما :
الأوّل : كان قولهم : لم لا يأتي بمعجزة؟!
فأجاب القرآن : إن هذا الكتاب المنزل من السماء هو أعظم معجزة.
والثّاني : سؤالهم : من الشاهد على صدق دعواك وحقانية النبوة عندك؟
فأجاب القرآن : كفى بالله شهيدا بيني وبينكم يعلم ما في السماوات
__________________
(١) لنا في هذا الصدد بحث مفصل بيناه في ذيل الآية (١٠٣) من سورة الكهف.