قال جماعة : المراد منه فرحهم بانتصار الروم ، وإن كانوا في صفوف الكفار أيضا ، إلّا أنّهم لكونهم لديهم كتاب سماوي فانتصارهم على المجوس يعدّ مرحلة من انتصار «التوحيد» على «الشرك».
وأضاف آخرون : إن المؤمنين إنّما فرحوا لأنّهم تفألوا من هذه الحادثة فألا حسنا ، وجعلوها دليلا على انتصارهم على المشركين.
أو أن فرحهم كان لأنّ عظمة القرآن وصدق كلامه المسبق القاطع ـ بنفسه ـ انتصار معنوي للمسلمين وظهر في ذلك اليوم.
ولا يبعد هذا الاحتمال وهو أن انتصار الروم كان مقارنا مع بعض انتصارات المسلمين على المشركين ، وخاصة أن بعض المفسّرين أشار إلى أن هذا الإنتصار كان مقارنا لانتصار بدر أو مقارنا لصلح الحديبية. وهو بنفسه يعدّ انتصارا كبيرا ، وخاصة إن التعبير بنصر الله أيضا يناسب هذا المعنى.
والخلاصة : إنّ المسلمين «المؤمنين» فرحوا في ذلك اليوم لجهات متعددة :
١ ـ من انتصار أهل الكتاب على المجوس ، لأنّه ساحة لانتصار الموحدين على المشركين.
٢ ـ من الإنتصار المعنوي لظهور إعجاز القرآن.
٣ ـ ومن الإنتصار المقارن لذلك الإنتصار ، ويحتمل أن يكون صلح الحديبية ، أو بعض فتوحات المسلمين الأخر!.
ولزيادة التأكيد يضيف أيضا (وَعْدَ اللهِ (١) لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) والسبب في عدم علم الناس ، هو عدم معرفتهم بالله وقدرته ، فهم لم يعرفوا الله حق معرفته ، فهم لا يعلمون هذه الحقيقة ، وهي أن الله محال عليه أن يتخلف عن وعده ، لأنّ التخلف عن الوعد إمّا للجهل ، أو لأنّ الأمر كان مكتوما
__________________
(١) نصب «وعد الله» على أنّه مفعول مطلق وعامله محذوف ، ويعلم من الجملة التي قبله أي «سيغلبون» التي هي مصداق الوعد الإلهي ، ويكون تقديره : وعد الله ذلك وعدا!.