العمي والصمّ التي لا هدف لها ، ولا يفكر بغير ظاهرها ، ولا يرى لها باطنا وعمقا أساسا.
ترى هل يعقل أن يكون لكتاب رسم طفل على صفحاته خطوطا عشوائية ، أهمية تذكر؟! وكما يقول بعض العلماء الكبار في علوم الطبيعة : إن جميع علماء البشر من أية فئة كانوا وأية طبقة ، حين نهضوا للتفكير في نظام هذا العالم ، كانوا ينطلقون من تفكير ديني «فتأملوا بدقّة».
«انشتاين» العالم المعاصر يقول : من الصعب العثور بين المفكرين في العالم شخص لا يحس بدين خاص ... وهذا الدين يختلف مع دين الإنسان العامي ، إنّه يدعو هذا العالم إلى التحيّر من هذا النظام العجيب والدقيق للكائنات ، إذ تكشف عن وجهها أسرارا لا تقاس مع جميع تلك الجهود والأفكار المنظمة للبشر (١)!.
ويقول في مكان آخر : إن الشيء الذي دعا العلماء والمفكرين والمكتشفين ـ في جميع القرون والأعصار ـ أن يفكروا في أسرار العالم الدقيقة ، هو اعتقادهم الديني.
ومن جهة أخرى كيف يمكن أن يساوى بين من يعتبر هذه الدنيا مرحلة نهائية وهدفا أصليّا ، ومن يعدّها مزرعة وميدانا للامتحان للحياة الخالدة التي تعقب هذه الحياة الدنيا ، فالأوّل لا يرى أكثر من ظاهر هذه الحياة ، والآخر يفكر في أعماقها!.
وهذا الاختلاف في النظر يؤثر في حياتهم بأجمعها ، فالذي يعيش حياة سطحية وظاهرية يعتبر الإنفاق سببا للخسران والضرر ، في حين أن هذا «الموحد» يعدّها تجارة رابحة لن تبور.
وذلك المادي يعتبر «أكل الربا» سببا للزيادة ووفرة المال. وأمّا الموحد
__________________
(١) نقلا عن كتاب «الدنيا التي أراها».