ويبرأون منها (وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ).
ولم لا يكفرون بهذه الأصنام؟ وهم يرونها ساكنة عن الدفاع عنهم بل كما يعبّر القرآن تقوم بتكذيبهم وتقول : يا رب (ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) (١) بل كانوا يعبدون هوى أنفسهم؟!
وأكثر من هذا ، فقد عبر القرآن عن هذا المعبودات في الآية (٦) من سورة الأحقاف أنّها ستكون معادية لهم وكافرة بهم (وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ).
ثمّ يشير القرآن إلى الجماعات المختلفة من الناس في يوم القيامة ، فيقول : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ).
كلمة «يحبرون» مأخوذة من مادة «حبر» على زنة «قشر» ومعناها الأثر الرائق الرائع ، كما يطلق هذا التعبير على حالة السرور والفرح التي يظهر أثرها على الوجه أيضا ، وحيث أن قلوب أهل الجنّة في غاية السرور والفرح بحيث أن آثارها تظهر في وجودهم قاطبة ، فقد استعمل هذا التعبير لهذه الحالة أيضا.
و «الروضة» معناها المكان الذي تكثر فيه الأشجار والماء ، ولذلك تطلق هذه الكلمة على البساتين النضرة بأشجارها واخضرارها .. وقد جاءت هذه الكلمة هنا بصيغة التنكير لغرض التعظيم والمبالغة ، أي إنّهم في أفضل الجنان وأعلاها التي تبعث السرور ، فهم منعمون ، بل غارقون في نعيم الجنّة.
(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ).
الطريف هنا أنّه في شأن أهل الجنّة استعملت كلمة «يحبرون» وتدلّ على منتهى الرضا من جميع الجوانب لدى أهل الجنّة .. ولكن استعملت كلمة «محضرون» في أهل النّار ، وهي دليل على منتهى الكراهة وعدم الرضا لما
__________________
(١) سورة القصص ، الآية ٦٣.