وبالطبع ، فحيث لا يمكن النوم العميق ، فالنعاس أيضا من النعم الإلهية ، كما أشارت إليه الآية الحادية عشرة من سورة الأنفال في شأن المجاهدين يوم بدر (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ) لأنّه لا يمكن النوم العميق في ميدان الحرب ، وليس مفيدا ـ أيضا ـ ولا نافعا.
وعلى كل حال فإن نعمة النوم والهدوء والاطمئنان الناشئ منه ، وما يحصل عليه الإنسان من قوة ونشاط بعد النوم ، هي من النعم التي لا يمكن وصفها بأي بيان!.
والآية التي تلتها ، والتي تبيّن خامس آية من آيات عظمة الله ، تتجه أيضا إلى «الآيات في الآفاق» وتتحدث عن البرق والرعد والغيث وحياة الأرض بعد موتها فتقول : (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً).
«الخوف» ممّا يخطر على البال من احتمال نزول الصاعقة مع البرق فتحرق كل شيء تقع عليه وتحيله رمادا.
«والطمع» من جهة نزول الغيث الذي ينزل بعد البرق والرعد على هيئة قطر أو مزنة.
وعلى هذا فإنّ البرق السماوي مقدمة لنزول الغيث (بالإضافة إلى فوائد البرق المختلفة المهمة والتي كشف العلم عنها أخيرا وقد تحدثنا عنه في بداية سورة الرعد» (١).
ثمّ يضيف القرآن معقبا (يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها).
الأرض الميتة التي لا يؤمل فيها الحياة والنبات ، تهتز بنزول الغيث الذي يمنحها الحياة ، فتحيا وتظهر آثار الحياة عليها على هيئة الأزهار والنباتات ، بحيث لا تصدق أحيانا أنّها الأرض الميتة سابقا.
__________________
(١) راجع تفسير «سورة الرعد» الآيات الأولى منها.