وقدرة وملك وعظمة وجود وكرم ، فمصداقه الأتم والأكمل هو عند الله ، لأنّ الجميع لديهم المحدود من الصفات ، إلّا هو وحده فإنّ لديه الأوصاف غير المحدودة ، والجميع لديهم أوصاف عارضة ، أمّا أوصاف الله فذاتية ، وهو مصدر الكمالات وأساسها.
حتى الألفاظ التي تجري على ألسنتنا لبيان مقاصدنا يوميّا .. لا يمكن أن تكون مبينة لأوصافه ... كما هو في تعبير «أهون» الذي نجده مثلا عندنا.
والجملة الآنفة هي كالآية (١٨٠) في سورة الأعراف ، إذ ورد فيها (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) والآية (١١) في سورة الشورى إذ يقول : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).
وتنتهي الآية ـ بما هو ضرب من التأكيد أو الدليل ، إذ يقول سبحانه : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
هو عزيز لا يقهر ، إلّا أنّه وفي منتهى قدرته غير المحدودة لا يصدر منه فعل غير دقيق ، فكل أفعاله وفق حكمته.
وبعد بيان قسم آخر من دلائل التوحيد والمعاد في الآيات المتقدمة ، يتناول القرآن موضوع «نفي الشرك» في مثال بيّن فيقول : (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ).
هذا المثال هو لو كان لديكم ـ أيّها المشركون ـ عبيد ومماليك فـ (هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) أي أن عبيدكم هؤلاء يشاركونكم في أموالكم وفي ما رزقناكم. بحيث تكونون أنتم وعبيدكم سواء في مالكية هذه الأموال والنعم وتخافون أن يتصرفوا في هذه الأموال بشكل مستقل كما هو الحالة في تصرف شركاءكم الأحرار فيها أو في الميراث مثلا ... فأنتم غير مستعدين لأن يتصرفوا في أموالكم.