المخلوقات شريكة لله من سابع المستحيلات.
ومن جهة أخرى فإنّ عبادة أحد الموجودات ، إمّا لعظمته ، أو لأنّه ينفع ويضر الإنسان ، إلّا أن هذه المعبودات لا تنفع ولا تضر (١).
ويعقب القرآن في ختام الآية للتأكيد والدقة على مضمون السؤال ، فيقول : (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
أجل ، نذكر لكم الحقائق من الأمثلة الواضحة في حياتكم لتفكروا فيها ، ولكيلا تنسبوا لله ـ على الأقل ـ ما لا ترضون أن تنسبوه لأنفسكم!.
غير أنّ هذه الآيات البينات وهذه الأمثلة الواضحة هي لأولي الألباب ، لا للظالمين عبدة الهوى الجهلة الذين قلوبهم أسدال الجهل ، واستوعبت آفاقهم الخرافات والعصبيات ، لذلك يضيف القرآن في الآية التالية قائلا : (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ).
ولذلك فإنّ الله خلّى بينهم وبين أنفسهم بسبب أعمالهم السيئة ، فتاهوا في وادي الضلالة (فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ)؟!
والتعبير بـ «ظلموا» مكان «أشركوا» إشارة إلى أن الشرك بعد أعظم الظلم : فهو ظلم للخالق ، إذ جعله مخلوقه إلى جانبه وأشركه معه (ونعرف أن الظلم أن تضع الشيء في غير موضعه).
وظلم للخلق ، إذ منعوهم عن طريق الخير والسعادة «طريق التوحيد».
وظلم لأنفسهم ، لأنّهم أطلقوا جميع وجودهم وكيانهم للريح ، وظلوا في مفازة عمياء! وبيداء قفراء.
وهذا التعبير ـ ضمنا ـ مقدمة للجملة التالية ، وهو إنّما أضلهم الله عن طريق
__________________
(١) فسّر بعض المفسّرين جملة «تخافونهم كخيفتكم أنفسكم» بهذه المناسبة تفسيرا آخر ، حاصله أنّ هؤلاء المعبودين ليست لديهم القدرة حتى تخافوهم كما تخافون من بعضكم ، فكيف إذا كان الخوف أكثر! «إلّا أن التّفسير الذي ذكرناه في البداية يبدو أقرب للنظر».