وهذا هو ما أشار إليه الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام في كلامه النيّر إذ قال : «عرفت الله بفسخ العزائم وحل العقود ونقض الهمم» (١).
لقد عرفت من هذا الاختلاف والتغير أن القوة الأصلية ليست بأيدينا ، فهي بيد الله ، وليس لدينا بنحو مستقل أي شيء سوى ما وهبنا إيّاه!
ومن الطريف أنّ القرآن يضيف ـ عند بيان الضعف الثّاني للإنسان ـ كلمة (وَشَيْبَةً) غير أنّه لم يذكر «الطفولة» في الضعف الأول ...
وهذا التعبير ربّما كان إشارة إلى أن ضعف الشيخوخة والشيب أشدّ ألما ، لأنّه على العكس من ضعف الطفولة ، إذ يتجه نحو الفناء والموت ... هذا أوّلا.
وثانيا فإن ما يتوقع من الشيبة والمسنين مع ما لهم تجارب ليس كما يتوقع من الأطفال ، على حين أن ضعف كل منهما مشابه للآخر ، وهذا الموضوع يدعوا إلى الإعتبار كثيرا.
فهذه المرحلة هي التي تدفع الأقوياء والطغاة إلى الانحناء ، وتجرهم إلى الضعف والذلة!
أمّا آخر جملة في الآية فهي إشارة إلى علم الله الواسع وقدرته المطلقة : (يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) وهي بشارة وإنذار في الوقت ذاته ، أي إن الله مطلع على جميع نيّاتكم ، وهو قدير على مجازاتكم وثوابكم!
* * *
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الجملة ٢٥٠.