الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ) في عالم البرزخ أجل (كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ) فإنّهم فيما سبق كانوا محرومين من إدراك الحقائق ومصروفين عنها.
والتعبير بـ «الساعة» عن يوم القيامة ـ كما أشرنا إليه سابقا ـ هو إمّا لأنّ يوم القيامة يقع في لحظة مفاجئة ، أو لأنّه من جهة أن أعمال العباد تحاسب بسرعة هناك ،
لأنّ الله سريع الحساب ، ونعرف أنّ «الساعة» في لغة العرب تعني جزءا أو لحظة من الزمن (١).
وبالرغم من أنّ الآية المتقدمة لم تشر إلى مكان (اللبث) حتى احتمل بعضهم أنّ المراد منه هو لبثهم في الدنيا ، الذي هو في الواقع بمثابة لحظة عابرة لا أكثر ، إلّا أنّ الآية التي بعدها دليل واضح على أن المراد منه هو اللبث في عالم البرزخ .. وعالم ما بعد الموت .. وما قبل القيامة ، لأنّ جملة (لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ) تنهي هذا اللبث إلى يوم القيامة ، ولا يصح هذا إلّا في شأن البرزخ (فلاحظوا بدقة).
ونعرف ـ هنا أيضا ـ أن «البرزخ» ليس للجميع على شاكلة واحدة ، فقسم له في البرزخ حياة واعية ، وقسم مثلهم كمن يغط في نوم عميق ـ في عالم البرزخ ـ ويستيقظون في يوم القيامة ، ويتصورون آلاف السنين ساعة واحدة (٢).
* * *
مسألتان
الأوّل : كيف يقسم المجرمون مثل هذا القسم الكاذب؟
والجواب واضح ، فهم يتصورون ـ واقعا ـ مثل هذا التصور ، ويظنون أن فترة
__________________
(١) كان لنا في هذا الصدد بحث مفصّل ذيل الآية (١٤) من هذه السورة.
(٢) بيّنا هذا البحث «المتعلق بموضوع البرزخ» في ذيل الآية ١٠٠ ، من سورة المؤمنون ، كما نوّهنا عن هذه اللطيفة والمسألة الدقيقة هناك.