الذي علم الله بعضه ذلك الرجل «آصف» ولذلك استطاع أن يأتي بعرش ملكة سبأ بطرفة عين ، ويحضره عند سليمان!.
وقال كثير من المفسّرين : إنّ هذا الرجل المؤمن كان عارفا بالاسم الأعظم ، ذلك الاسم الذي يخضع له كل شيء ، ويمنح الإنسان قدرة خارقة للعادة!.
وينبغي القول أن «الاسم الأعظم» ليس كما يتصوره الكثير بأنّ مفهومه أن يتلفظ الإنسان بكلمة فيكون وراءها الأثر العجيب ، بل المراد منه التخلق بذلك الاسم والوصف ، أي على الإنسان أن يستوعب «الاسم» في نفسه وروحه ، وأن يتكامل علمه وخلقه وتقواه وإيمانه إلى درجة يكون بها مظهرا من مظاهر ذلك الاسم الأعظم ، فهذا التكامل المعنوي والروحاني (بواسطة الاسم الأعظم) يوجد في الإنسان مثل هذه القدرة الخارقة للعادة (١).
كما أنّ للمفسّرين في جملة (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) لكن بملاحظة الآيات الاخر من القرآن يمكن معرفة حقيقتها ... ففي الآية (٤٣) من سورة إبراهيم نقرأ : (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ).
ونحن نعرف أن الإنسان عند ما يستوحش ويذهل ، تبقى عيناه مفتوحتان على وتيرة واحدة كأنّهما عينا ميت لا تتحركان.
فبناء على ذلك فالمراد منه أنّني سأحضر عرش ملكة بلقيس قبل أن يتحرك جفناك (٢).
* * *
__________________
(١) كان لنا في ذيل الآية (١٨٠) من سورة الأعراف بحث في شأن الاسم الأعظم ، فلا بأس بمراجعته.
(٢) ما يقوله بعضهم : إن المراد من (يرتد إليك طرفك) هو إلقاء النظرة على شيء ما وعودة النظرة للإنسان لا دليل عليه ، كما أن هذا التعبير لا يكون شاهدا على النظرية القائلة بخروج الشعاع من العين الواردة في الفلسفة ـ القديمة.