مقابل نبيّهم «صالح» بالتطير أيضا.
وأساسا ، ونقرأ في سورة «يس» أن المشركين تطيّروا من مجيء رسل المسيح عليهالسلام الى «انطاكية» (يس ـ ١٨).
فإنّ الإنسان لا يمكن أن يقف أمام الحوادث على حال واحدة ، فلا بدّ أن يفسّر آخر الأمر لكل حادثة علة ... فإذا كان الإنسان مؤمنا موحدا لله ، فإنّه يرجع العلل إلى ذاته المقدسة تعالى طبقا لحكمته ، فكل شيء عنده بمقدار ، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال. ولو استند إلى العلم في تحليل العلة والمعلول الطبيعيين ، فستحل مشكلته ايضا ، وإلّا فإنّه سينتج أوهاما وخرافات لا أساس لها .. أوهاما لا حد لها .. وأحدها «التطير» والفأل السيء!
مثلا كان عرب الجاهلية إذا رأوا الطائر يتحرك من اليمين نحو الشمال عدوّه فألا حسنا ، وإذا رأوه يتحرك من الشمال «اليسار» نحو اليمين عدّوه فألا سيئا ، ودليلا على الخسران أو الهزيمة! وغيرها من الخرافات الكثيرة عندهم (١).
واليوم يوجد ـ من قبيل هذه الخرافات والأوهام ـ الكثير في مجتمعات لا تؤمن بالله ، وإن حققت نصرا من حيث العلم والمعرفة ، بحيث لو سقطت «مملحة» على الأرض أقلقتهم إلى حد كبير! ... ويستوحشون من الدار أو البيت أو الكرسي المرقم بـ ١٣ ، وما زالت سوق المنجمين وأصحاب الفأل رائجة غير كاسدة! فهناك مشترون كثر «للطالع والبخت»!.
إلّا أنّ القرآن جمع كل هذه الأمور فجعلها في جملة موجزة قصيرة فقال : (طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ).
__________________
(١) يشير الكميت الأسدي إلى بعض هذه الخرافات في قصيدته البائية فيقول :
ولا أنا ممن يزجر الطير همّه |
|
أصاح غراب أم تعرض ثعلب |
ولا السانحات البارحات عشية |
|
أمرّ سليم القرن أم مرّ أعضب (المصحح). |