وازع ، وسائر الناس من ورائهم تلجمهم رهبة القرار الحازم والجرأة في التنفيذ.. وسارعت الأُلوف بعد ذلك في تلبية نداء الحرب مع إخوان لهم من المسلمين امتنعوا عن نقل الزكاة إلى الخليفة اعتراضاً على شخصه وطريقة انتخابه ولم يكفروا بحكم الزكاة ، فقاتلوهم استجابة للقرار الحازم الذي لا إذن للحوار فيه ولا رجعة عنه ، كما قاتلوا آخرين ارتدّوا عن الدين صراحةً ، سواء ، وعاملوهم بالاُسلوب ذاته حين ساوى قرار الخليفة الحازم بين حجز الزكاة عنه وبين الردّة !
وهكذا كان ينفذ القرار الحازم بكلّ قوّة ودون أن تكون هناك نافذة للردّ والحوار والمناقشة ، وإن حدث طرف من ذلك فالحسم دائماً لصالح قرار الخليفة نفسه ، وجرى ذلك في الاُمور الدينيه والتشريعية بالقوّة نفسها ، فبدون أدنى (مقاومة) تذكر ينفذ قرار الخليفة في المنع من رواية أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله والإفتاء بسنّته ، والمنع من تدوينها ، وفي تعطيلها أحياناً ، حتّى يصبح قرار التعطيل هو السنّة وتعود السنّة الاُولى بدعة !
ولقد تحقّق هذا في تفاصيل الصلاة ، وفي مناسك الحجّ ، وفي أحكام الأحوال الشخصية ، وفي الحقوق المالية وغير ذلك (١) ، بل نجح قرار الخليفة حتّى في صناعة عبادة جديدة ، كما هو شأن صلاة التروايح ، بالرغم من أنّ صانعها نفسه يصفها بالبدعة ، إلَّا أنّها تصبح بعد قليل هي السنّة الثابتة ، ومن خالفها فقد أحدث في الدين !
من كلّ ذلك وأمثاله برز مبدأ جديد لم تعرفه الاُمّة من قبل ، ولا دعا إليه
_____________
(١) راجع : تفاصيل ذلك في كتابنا تاريخ الإسلام الثقافي والسياسي.