كتاب ولا نبيّ ، فكان أساساً في ظهور فريق جديد يتمحور حوله ، ذلك هو مبدأ « سنّة الشيخين » !
ولمّا كان هذا المبدأ قد ولد بفعل قمّة الهرم السياسي ، ومن ورائه الجمهور العام الذي ينتظم في سلك الطاعة ، لأجل ذلك لم يتّخذ طابع مقولات الفِرق الحادثة ، بل ظهر وكأنّه الأصل الذي عليه الناس ، فمن خالفه فقد خالف « جماعة المسلمين » وأحدث في الأمّة فرقة جديدة لا تمنح « سنّة الشيخين » موقع المرجعية ، وكأنّ الأصل في الدين هو هذا وليس العكس !
ثمّ إنّ هذا الواقع قد تمخّض عن نظام جديد في الخلافة ، وهو نظام « الغَلَبة » ! ذلك النظام الذي قاد الجمهور العام الداخل في سلك الطاعة إلى مزيد من المبادئ الجديدة التي تحل دائماً بدائلَ عن المبادئ الأصيلة التي أقرّها القرآن الكريم والسنّة المطّهرة.. ولكونها أيضاً قد انبعثت من « القمّة » بتأثير الخلافة ومشاريعها الدينية والسياسية والثقافية النافذة على عامّة الناس ، فقد اكتسبت موقع الأصالة ، وصارت من مميّزات « الجماعة » التي من خالفها كان مبتدعاً ، داعياً إلى فتنة !
وفي الكلام الآتي مزيد من التفصيل :
إنّ نظام الغَلَبة هذا ، الوليد الطبيعي لنظرية الخلافة المستجدّة بعد الرسول صلىاللهعليهوآله ، قد حصر الدين والدنيا في كلمة واحدة ، ولكن بعد أن أجرى عليها قدراً كافياً من « التعديل » ، فحين قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) (١) رأينا أنّ الله تعالى قد أنزل بيننا قرآناً ، وأن
_____________
(١) سورة النساء : ٤ / ٥٩.