رسوله قد رحل وترك لنا سنّةً ، فالذي بقي بيننا إنّما هو « أُولوا الأمر منكم » الذين سيكونون القادة لنا في طاعة الله ورسوله.
ومنذ اللحظة الاُولى لرحيل الرسول ابتدأت التعديلات تجري على الركن الثالث المتبقّي ؛ فاُلغي أوّلاً حقّ الله تعالى وحقّ الرسول في اختيار اُولي الأمر ، ليصبح (أُولو الأمر) ليس هم المؤهّلون الذين ينبغي أن تُسند إليهم الاُمور ، فاُلغي مع ذلك حقّ الاُمّة في هذا الأمر ، في قرار لا يقوم إلّا على إلغاء الحقوق الثلاثة معاً وفي آنٍ واحد ، ذلك حين يكون من حقّ نفرٍ معدودين بالأصابع ، رجل واحد أو اثنين أو خمسة ، أن يحدّدوا طريقة الاختيار وفق ما يرون ، ثمّ يختاروا وفق مقاييسهم الخاصّة ، ثمّ يُملون اختيارهم على الاُمّة بكلّ الأساليب اللازمة لتثبيته ، فامتلك (اُولو الأمر) من جرّاء هذا امتيازات جديدة رفعتهم فوق مستوى رقابة الاُمّة ، ومنحتهم صفة الهيمنة وصلاحيات التحكم بالركنين الأوّلين ، الكتاب والسنّة..
ومن الطبيعي جدّاً أن يخلُف هذا التطّور مزيد من « التعديل » يثبّت هذه الامتيازات ويقطع جميع السبل التي من شأنها أن تحول دون ممارستها ، فكان أول تلك التعديلات : إلغاء اعتبار كلمة (منكم) الضابطة لاُولي الأمر ، ليصبح هذا المقام مشاعاً والناس فيه سواء ما نطقوا بالشهادتين !
فلمّا كانت ثمّة عقبات
تمثّلت في (خصائص) أقرّها القرآن والعقل والعرف السوي ينبغي أن يتحلّى بها وليّ الأمر ، كالعدالة والعلم بالدين وبالسياسة معاً والصلاح ، فقد توجّه « التعديل » إلى هذه الخصال ليطالها جميعاً ، فتصبح ولاية الأمر حقّاً للجائر الجاهل الفاسق ، بل حتّى لو عاش عبد الله بن اُبَيّ لصحّت له !
فلقد والله تسلّمها رجال ما هم بأحسن حالاً من شيخ المنافقين ابن اُبَيّ بعد أن