ولكن لماذا لا يؤمن البشر؟
لأن بينهم وبين الله حجبا. كحجاب الغفلة ، وحجاب الشهوة ، وحجاب التقليد ، وحجاب الخوف ، أو الرجاء في الأمور الدنيوية ، وحجاب الشك في الآخرة. ويجب على الإنسان أن يتحدى هذه الحجب بإرادته ، وبتذكير الله ـ عبر رسله ـ لكي يصل الى معدن الايمان ، ونور الله البهيّ.
وهذه النظرة القرآنية نجدها موزعة في كتاب الله ، والمتدبر في القرآن يجد هذا الأسلوب في توجيه الإنسان إلى الله واضحا في آيات الذكر الحكيم ، والذي أسميه بالاسلوب الوجداني الذي يبدأ بتزكية القلب ، وإجلاء الدرن والصدأ عنه ، ويكشف عن الحجب ليتصل بنور معرفة الله بصورة مباشرة ، وآنئذ نعرف معنى قول الامام علي (ع) : حين يسأله رجل قائلا : يا أمير المؤمنين أو رأيت ربك؟ قال : «ويحك! وكيف أعبد ربّا لا أراه؟!» قال السائل : كيف رأيته؟ قال : «لا تدركه الأبصار بملاحظة العيون ، وإنما تدركه القلوب بحقيقة الايمان».
بينات من الآيات :
[٧٢] من العقبات التي تعترض طريق البشر إلى الإيمان هو زعمه : بأن ايمانه سيكلفه التضحية بالمال ، دون ان يعلم بأن الايمان يدفع المجتمع لانتهاج شريعة متكاملة توفر له التعاون ، والعدالة ، والنشاط ، وفي مثل هذا المجتمع يستطيع الإنسان كسب المزيد من الثروة ، والمزيد من السعادة ، ولو أنه حسب ما ينفقه في سبيل الله خمسا ، أو زكاة ، أو نشاطا ، خسارة ومغرما ، فلأنه لا يعلم بأن تدوير الثروة وتوزيعها بالعدل يساعد على نشاط المجتمع ، وبالتالي على نموه الاقتصادي.
إن نظرة الإنسان للحياة من خلال معرفته بربّه ، تعرفه بأن عطاءه وإنفاقه في سبيل الله لا ينقصه شيئا ، بل يزيده مالا وسعادة ، ذلك انه سيكتشف عبر هذه