لجّوا بمعنى : دخلوا وتوغلوا ، والله يشبه الطغيان في هذه الآية كما النفق الموحش ، وهؤلاء بدل أن يرجعوا عن المسير فيه ، كلما رحمهم الله تراهم يتوغلون فيه أكثر فأكثر ، فيفقدون بصرهم وبصيرتهم.
والواقع ان من العقبات التي تعترض طريق الايمان هو موقف الإنسان من النعم ، فاذا رزقه الله نعمة طغى ، وزعم : أن طغيانه هو السبب فيها ، كما تزعم الدول الاشتراكية المتقدمة : ان نظامها الاقتصادي ، وإديولوجيتها المنحرفة هي السبب في تقدمها ، أو كما تزعم الاخرى الرأسمالية : ان نظامها سبب تقدمها وحضارتها ، وقد ملأوا الدنيا ضجيجا بأن الاقتصاد الحر هو سبب التقدم.
بينما نجد الرأسمالية حين زرعوها في العالم الثالث ، لم تنبت الا مزيدا من التخلف ، وكذلك الاشتراكية حين حقنوا بها العالم النامي ، لم تلد سوى الدمار ، وهكذا عرفنا بأنه لا الاشتراكية ولا الرأسمالية هما سببا تقدم هذه الدولة أو تلك.
والعمه هو : العمى الذي يصيب الشخص منذ ولادته ، فلا يستطيع ان يميز شيئا أبدا ، بينما الذي يدركه العمى بعد أن يكون بصيرا مدة من الزمن ، فانه قد يستطيع ان يميز بعض الأشياء ، اعتمادا على ذاكرته وحواسه.
[٧٦ ـ ٧٧] وكذلك لو أخذهم الله بألوان العذاب ، فإنهم لا يرجعون عن انحرافهم ، ولا يتضرعون اليه ، بل تجدهم يعتمدون على هذا وذاك من دون الله ، فالمجاعة يكون حلّها عندهم بالاعتماد على معونات الانظمة الكافرة. بدل ان يكون علاجها بالعودة الى الله ، والتضرع اليه ، وتغيير الذات ، والسعي ، والتعاون ، والعلم ، والعدالة.
وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ