الى خلقك بحسن الصنيع كأن بك الحاجة إليهم ، وأنت يا سيدي الغني عنهم ، ثم خر الى الأرض ساجدا ، قال : فدنوت منه ، وشلت برأسه ووضعته على ركبتي ، وبكيت حتى جرت دموعي على خده ، فاستوى جالسا ، وقال : من الذي اشغلني عن ذكر ربي؟! فقلت : انا طاووس يا ابن رسول الله. ما هذا الجزع والفزع؟! ونحن يلزمنا ان نفعل مثل هذا ونحن عاصون جانون ، أبوك الحسين بن علي وأمك فاطمة الزهراء ، وجدك رسول الله (ص)؟! قال : فالتفت اليه وقال : هيهات هيهات يا طاووس دع عني حديث أبي وأمي وجدي ، خلق الله الجنة لمن أطاعه وأحسن ، ولو كان عبدا حبشيا ، وخلق النار لمن عصاه ولو كان ولدا قرشيا ، أما سمعت قوله تعالى : «فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ»؟! والله لا ينفعك غدا إلا تقدمة تقدمها من عمل صالح.
(١) [١٠٢] الجميع يقف امام الميزان ويده على قلبه ينتظر النتيجة ، إما إلى الجنة وإما الى النار ، ولعل أصدق الموازين وأنفذها حجج الله على خلقه ، الذين يجسدون في الدنيا قيم الرسالة وهم الرسل والائمة.
فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
إذ يصيرون الى نعيم الجنة ، وأهم من ذلك يصيرون الى رضوان الله.
[١٠٣] وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ
ولعل معنى خسروا أنفسهم انهم خسروا فرصتهم الوحيدة في الدنيا.
[١٠٤] وأي عذاب يناله هؤلاء؟
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٤٦ ص ٨١.