ولأن هذا القسم من الناس لا يعرفون كل هذه الحقائق ، تأخذهم الرأفة السلبية على حساب الدين ، فقد يعطلون الحدود. ولكن من يؤمن بالله ، ويعلم بأنه أرأف بعباده منه ، وانه عند ما يأمر بجلد الزاني ، فان في ذلك مصلحة لكل الناس بل للزاني نفسه ، لا تأخذه هذه الرأفة.
ثم يقول ربنا :
وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
لا بد ان يكون الجلد في محضر من المؤمنين ، لان قيمة العقوبة لا تكمن في أثرها على الجاني فحسب ، بل لا بد ان تنعكس على المجتمع. والواقع ان حد الزنا ليس واحدا ، بل هناك ظروف مختلفة ، تختلف العقوبة بموجبها ، وفيما يلي حديث شريف يجمع بين مختلف الحدود :
جاء في تفسير علي بن إبراهيم : «انه احضر عمر بن الخطاب ، ستة نفر أخذوا بالزنا ، فأمر ان يقام على كل واحد منهم الحد ، وكان أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ جالسا عند عمر ، فقال : يا عمر ليس هذا حكمهم ، قال : فأقم أنت عليهم الحد ، فقدم واحدا منهم فضرب عنقه ، وقدم الثاني فرجمه ، وقدم الثالث فضربه الحد ، وقدم الرابع فضربه نصف الحد ، وقدم الخامس فعزره ، وأطلق السادس ، فتعجب عمر وتحير الناس. فقال عمر : يا أبا الحسن ستة نفر في قضية واحدة أقمت عليهم خمس عقوبات وأطلقت واحدا ليس منها حكم يشبه الآخر؟! فقال : نعم اما الاول فكان ذميا زنى بمسلمة فخرج عن ذمته فالحكم فيه بالسيف ، واما الثاني فرجل محصن زنى فرجمناه ، واما الثالث ، فغير محصن حددناه ، واما الرابع ، فرق زنى ضربناه نصف الحد ، واما الخامس فكان منه ذلك الفعل بالشبهة فعزرناه وأدبناه ، واما السادس مجنون مغلوب على عقله سقط