زوجته التي يجب ان يخلو بها ، ويبث إليها اسراره وعواطفه ، ولعله يريد ان يقضي منها وطرا. فقبل ان تطأ قدماك بيتا غير بيتك ، لا بد ان تراعي آداب الدخول والتي منها : الاستيناس وإعطاء اشارة لقصد الدخول أولا ، وفي التعبير القرآني روعة ولطف ، فالاستيناس المتخذ من لفظة (الانس) يوحي بضرورة رعاية الجوانب العاطفية فلا كلمات نابية ، أو صياح عال أو طرق شديد للباب ، بل رقة ومحبة وتلطف وتودد. و جاء في الأثر ان «الاستيناس هو وقع النعل والتسليم» (١) و عن أبي أيوب الانصاري قال : قلنا يا رسول الله ما الاستيناس؟ قال : يتكلم الرجل بالتسبيحة والتحميدة والتكبيرة يتنحنح على أهل البيت (٢) والتسليم ثانيا اشعارا بحسن النية وسلامة القصد. وليس هذا النظام شاذا عن الفطرة البشرية ، بل متوافقا معها ، وهكذا سائر الأحكام والآداب في الإسلام تتوافق مع فطرة البشر وعقله ، وهذا ما تشير له الآية التي تحث الإنسان على التذكرة فكثير من الحقائق ، معروفة لدى الناس ، ولكنهم نسوها فاحتاجوا الى التفكير ليتذكروها.
[٢٨] فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ
ان لم يكن في البيت من يملك صلاحية الاذن بالدخول ، أو وجد من يملكها ، ولكنه لم يعط إذنا بذلك فليرجع ، ففي ذلك زكاة للمجتمع ، اي نمو للاخلاقيات والعلاقات الطيبة فيه ، ولقد شددت النصوص الاسلامية على الاستيذان وآدابه قبل دخول البيوت.
فهذا الرجل يستأذن على رسول الله (ص) بالتنحنح ، فيقول الرسول لامرأة يقال لها روضة : قومي الى هذا فعلميه وقولي له قل : السّلام عليكم أأدخل؟ فسمعها
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٣ / ص ٥٨٥.
(٢) المصدر.