شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)
إن من الناس من يعبد الآخرين باعتقاد ذواتهم الالوهية ـ كما يزعمون ـ أو ان شرعيتهم نابعة من الله ذاتا ، كالاعتقاد بأن السلطان ظل الله في الأرض ، أو أن الله أمر بعبادة التراب ، وتقديس القوم والعشيرة.
وعند ما ينسف الله هاتين الفكرتين ، فانه ينسف بذلك قاعدة التمايز الطبيعي بين العناصر البشرية ، أو القوميات والوطنيات ، أو أيّ شيء آخر.
ويأتي عجز الآية الكريمة مكملا ـ بتناغم وتناسب ـ مع كلمة «الفرقان» التي مر ذكرها في الآية الاولى ، فهي ليست بعيدة عما تهدف اليه كلمتي «فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً» في آخر هذه الآية ، لأن الفرقان جاء لتعريف الإنسان بالتقديرات الالهية ، والأنظمة الربانية ، والتقادير هي الانظمة والسنن.
وقد أضافت الأحاديث في معنى التقدير وحدوده ونذكر فيما يلي بعضا منها :
روي عن علي بن إبراهيم الهاشمي قال : سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام يقول :
«لا يكون شيء الا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى».
قلت : ما معنى شاء؟ قال : «ابتدأ الفعل».
قلت : ما معنى قدر؟ قال : «تقدير الشيء من طوله وعرضه».
قلت : ما معنى قضى؟ قال : «إذا قضى أمضاه فذلك الذي لا مرد له» (١)
__________________
(١) المصدر / ج ٤ / ص ٣.