والتقدير الالهي سبق الخلق بمدة طويلة ، هكذا يروى مسندا عن أبي علي بن موسى الرضا عن آبائه عن علي (عليهم السّلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
«ان الله عز وجل قدر المقادير ، ودبر التدابير قبل ان يخلق آدم بألفي عام» (١)
و قال الامام الرضا عليه السّلام ليونس :
«تدري ما التقدير؟ قلت : لا ، قال : هو وضع الحدود من الآجال والأرزاق والبقاء والفناء» (٢)
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً :
[٣] وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ
وينساب السياق القرآني ليطهر الافئدة من الأساطير الجاهلية ، فلا آلهة من دون الله تخلق وتصنع. كلّا .. انما هي التي تخلق وتصنع ، بل قد يكون الإنسان هو الذي يصنعها كما تشير اليه آيات أخرى ، والتي توحي بأن الله يخلق الآلهة خلقا أوليّا من العدم ، ولكن الإنسان يعطيها منصب الألوهية ، وليس الله الذي لبس رداء الوحدانية ، وتسربل بالعزة والفردانية ، ولا من قبل أنفسهم.
اننا نجد هجوما قرآنيا شديدا بين الحين والآخر على الأساطير والخرافات انما لإبطالها ، والأخذ بيد الإنسان الى الحقيقة بعد إسقاط الآلهة الكاذبة التي نبتت في مستنقع أوهام البشر البدائي ، الإنسان ذو الذهنية الساذجة والمحدودة.
تخلف الإنسان هو المسؤول الاول والأخير عن ضلالاته وفساده سواء على صعيد
__________________
(١) المصدر / ص ٤.
(٢) المصدر / ص ٥.