الإفراد والمجتمعات والأمم ، إذ لا وجود لهذه الآلهة المزيّفة لولا جهله وضيق أفقه ، وتوجهاته المنحرفة في قوالب الشهوة والمصلحة.
والا فما تفسير ظاهرة الطغيان. إذ يعتلي فرد أو تتكبر جماعة لتتحكم بمصير مجاميع بشرية هائلة وكأنها آلهة ، فيتزلف له أولهم الناس ، ويتسكعون على أبوابه ، متناسين الحقيقة العظمى في هذا الكون ، ومتغافلين عن واقع الذين يعبدونهم بأنهم أناس مثلهم ، خلقوا من طين لازب ، وهم الآن من لحم وشحم ، وعظم ودم. تحكمهم ذات القوانين والانظمة الجسدية والنفسية التي تحكم سائر الناس ، وانما أصبحوا بهذه الهالة من التقديس الأجوف بخوف الناس منهم ، ورغبتهم في خيرهم.
وإذا أراد مجتمع ما ان يكتشف هذه الحقيقة ، فما عليه الا ان ينفض غبار التخلف عن نفسه ، وينتفض لله ضاربا بالخوف عرض الحائط ، متنازلا عن المصلحة والشهوة العاجلة في سبيل هدف مقدس هو رضوان الله ، فان الطاغوت آنئذ لا يمكنه الوقوف على عرش السلطة لحظة واحدة ، لان عوامل انهياره موجودة ـ إذا ـ في ضمير الإنسان والمجتمع وفي سنن الحياة.
ولا يقصد بالآلهة المزيفة الحاكمين فقط بقدر ما يعنى بهذه الكلمة كل شيء يقدسه الإنسان الى حد العبودية له ، سواء تجسد ذلك في الحاكم كفرعون ، أو القبيلة كقريش ، أو العنصر كاليهود ، أو الإقليم أو الحزب أو ما أشبه.
فلربما يشرد بالإنسان خياله في مغبات الانحراف ليصور له الوطن شيئا قائما بذاته ، أو العلم المصنوع من القماش هو الذي يحفظ البلاد والإنسان ، هكذا قد يتصور الإنسان قطعة القماش التي لا تعدو كونها رمزا لما في قلوب الناس من حب مكنون للوطن.