فاذا أصبح حب الوطن بغضا للاوطان الاخرى ، أو التضحية من أجله بطشا وعدوانا على الآخرين بغير الحق ، فانه بذلك يصبح إلها يعبد من دون الله.
ويدرك البشر بفطرته ان لا إله في الكون الا الله ، فهو خالقه ، ومقدر سننه ، والمهيمن عليه ، وانه قد بعث نبيّه برسالة تبيّن تلك السنن ، إلّا أن الإنسان قد يستجيب لدعوات الشيطان والنفس التي تتحول إلى آلهة مقدسة بعد تبلورها في الواقع الخارجي.
ولو وقف الإنسان ساعة تفكر لنفسه ، وعرض دعوات الشيطان ، وضغوط النفس على ضوء الفطرة والعقل لتبدد ظلام الانحراف عن قلبه ، ولوجد الآلهة التي تعبد من دون الله لا تملك شيئا ، بل الله يملكها ومن يعبدها من دونه.
وينثني السياق ليهتف بالإنسان قائلا : ما دمت أنت الذي تعطي لهذه الآلهة الشرعية ، فلما ذا تخضع لها تارة خوف البطش ، وتستجيب لها أخرى رغبة في الخير؟! ولكن لا يستجيب لهذا الهتاف المقدس الا من هدى الله قلبه للايمان ، اما من غرق في بحر الجحود والكفر ، وتوغل في الضلالة والهوى ، فانه بالاضافة الى رفضه هذا النداء ، يتهم القرآن بالإفك والرسول بالافتراء ، وانما يأفك الإنسان الذي يفتري على الله تكذيبا وزورا ، من أجل لذة عابرة ، إذ لا يكذب كذّاب لغير مصلحة ورغبة.
أما الرسول ذلك الإنسان العظيم الذي تجرد عن رغباته وذاته ، فأصبح موضوعيا في كل شيء لا يمكنه ان يختلق هذه الفرية الكبيرة ، ولماذا يختلقها وقد تجرد عن المصلحة؟
وانه من السخف ان يتهم أحد رسول الله بالفرية والكذب ، فان القرآن لا يولي اهتماما بالغا لتهمة هؤلاء الرسول بذلك ، بل يمر عليها مرور الكرام ، واي مصلحة