و حركوا به القلوب ، ولا يكون هم أحدكم آخر السورة» (١).
ونحن نرى أن القرآن نزل مرتين :
هبط به الروح الأمين جملة واحدة على قلب النبيّ الامي (ص) في ليلة القدر ، حيث قال ربنا سبحانه : «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ» (٢) وقال : «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» (٣) هكذا نزل القرآن حسب الحاجة الاجتماعية ، ثم نزل مفرّقا حسب الظروف والمناسبات ، حيث كان سبحانه يأمر رسوله بأن يتلو كل آية في مناسبتها ، وربما تدل على ذلك الآية الكريمة : لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ .
[٣٣] ربنا الرحمن شافي بالقرآن امراض المجتمع البشري المتمثلة في الثقافات الجاهلية. فكلما طرحت فكرة جاهلية غامضة جاء الوحي بالحق المبين.
وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً
ما هو المثل؟
يبدو ان كل مجموعة فكرية يعبر عنها بمثل (أو حسب تعبيرنا اليوم بشعار) والامثلة عند الناس تختزل حشدا متناسقا من الأفكار ، وتعبر عن سلسلة فكرية متشابكة.
ولتوضيح ذلك دعنا نضرب مثلا :
ألف : العشائرية نهج اجتماعي ، وقيمة فكرية كان شعارها «انصر أخاك ظالما
__________________
(١) المصدر / ص ١٥.
(٢) الدخان / ٣.
(٣) القدر / ١.