والتقدم ، فيصنع بذلك حضارة الايمان ، كما صنعها نبي الله سليمان منذ قبل.
سادسا : ان صفة التطلع من أبرز سمات المجتمع الاسلامي ، الذي يصفه القرآن في هذه السورة ، فبالرغم من اعتماد ابنائه على العناصر الفاضلة من الاسرة في تربيتهم ، الا أنهم لا ينسون تطلعاتهم الاجتماعية. إذ يطمحون لإمامة المتقين ، وتنتهي السورة بذكر الدعاء الذي هو ردّ التحية من البشر لرسالة الرب سبحانه.
يعني إمامة أفضل طبقة وفئة في المجتمع ، فقد يطمح الإنسان ان يكون إماما وفقط ، اما عباد الرحمن فطموحهم قيادة الطليعة في المجتمع ، وهذا يدل على التطلع الواسع في البعد المستقبلي والحاضر لأبناء المجتمع الإسلامي الرحماني.
فمن جهة يسعون لصياغة شخصية أبنائهم وفق المفاهيم الصادقة ، ليمتدوا عبر أولادهم كما أزواجهم عموديا في عمق الزمن.
ومن جهة أخرى فإنهم يسعون وجادين أيضا ليصبحوا قدوة لمن حولهم من الناس ، ليمتدوا أفقيا عبر أبناء المجتمع ، الذي يعيشون فيه وفي أوسع رقعة من المكان.
وهؤلاء بتطلعاتهم وسلوكهم هم الذين سيبنون حياة فاضلة في الدنيا ، ويجزون جزاء حسنا في الآخرة ، إذ يأمر الله الملائكة والطبيعة ان يكونا مسلّمين لهم ، وعند ما تكون الملائكة والطبيعة معا مسلمين لإنسان ما ، فحينئذ لا يخشى هذا الإنسان من شيء ، لأنه يشعر وكأن رب الطبيعة والملائكة وخالقها من جهة ، وذات الطبيعة والملائكة الموكلة بها من جهة أخرى ، يحبونه ويعينونه.
ذلك لان عباد الرحمن كانوا مسالمين مع أنفسهم ، وقد علموا ان دورهم بناء إنسان رسالي فاضل انطلاقا من ذواتهم ، وأمة رسالية فاضلة انطلاقا من أسرتهم ،