وهكذا نفهم ان أي انحراف يتم بالظلم تشمله الآية ، حتى ولو لم يكن من قبل الدولة ، بل من أصحاب السلطة الصغار كالزوج والمالك والمدير و .. و .. جاء في حديث مأثور على الامام الصادق ـ عليه السّلام ـ :
«كل ظالم يظلم الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شيء من الظلم فاني أراه إلحادا. ولذلك كان ينهى ان يسكن الحرم». (١)
أي كانت الاقامة الدائمة بمكة مكروهة شرعا ، لان الإنسان لا يخلو من ظلم نفسه بواحدة من هذه المحرمات فاذا سكن البيت اعتبرت معاصيه هذه إلحادا ، وضاعف الله عليها العقاب.
الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ
فالمسجد الحرام ليس ملكا لأحد ، لا لعائلة معينّة ولا لدولة خاصة انما هو للناس جميعا ، وقد جعله الله كذلك.
سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ
أي يتساوى فيه المقيم المعتكف بمكة ، مع ذلك الذي يأتيه من البدو أي الصحراء ، ثم يؤكد الله هذه الحقيقة ، مرة اخرى ، قائلا :
وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ
ان أصحاب السلطات الظالمة التي تتخذ المسجد الحرام وحاجة الناس إليها سببا لتحريف الناس وتضليلهم ، أو التي تفرض على الآخرين منهجا معينا في التفكير .. سوف يذوقون عذابا أليما. ومعنى (بإلحاد) بانحراف.
__________________
(١) تفسير نمونه ج ١٤ / ص ٦٥.