والجواب : إنّهم من أجل رفض الأفكار القرآنية السليمة كانوا يلفّقون تهما ويلصقونها بها.
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ)
إنّها واضحة بيّنة ، حتى لتكاد تكرههم بقبولها ، ولكنّهم يصدّون عنها بقوّة ، ويمنعون عن أنفسهم نورها بإصرار ، كالذي يهرب من الغيث أن يصيبه رذاذه أو الشمس أن تحوطه أشعّته.
(قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ)
حينما يأتيهم الحق يقولون بكلّ وقاحة : إنّه سحر مبين. لما ذا؟ لأنّه يهيمن عليهم ، ولا يدعهم يواجهونه بدليل وبرهان.
إنّهم يقولون : هو سحر ، فيقال لهم : ما هو دليلكم على بطلانه؟ فيقولون : ليس عندنا دليل ، ولكنّه سحر!
هكذا يعادي الإنسان الحق ، حتى أنّه يتهم نفسه بفقدان الارادة والوعي ويقول : أنا أصبحت مسحورا ، كلّ ذلك ليخلّص نفسه من مسئولية الايمان بالرسالة.
[٨] والبعض الآخر يقول : إنّه افتراء على الله ، وإذا كان قولهم أنّه سحر دلّ بوضوح على مدى تأثير الرسالة عليهم وأخذها بمجامع قلوبهم ، وسدّ الطريق أمام تخرّصاتهم ، حتى أنّهم اعترفوا بقدرتها وبعجزهم عن مقاومتها ، فانّ كلمتهم التي زعموا بها أنّ الرسالة افتراء دلّت على أنّ الرسول لم يكن يدعو الناس إلى نفسه بل إلى ربّه ، ممّا دعاهم إلى اتهامه بأنّه مفتر.