أنّهم بواسطته يستطيعون السيطرة عليه سيطرة تامة ، ولكنّهم وجدوا أنّ عشرات الألوف من الشعب الأمريكي يموتون بسببه بالرغم من تعاطيهم ذلك الدواء ، والسبب أنّ أجسامهم لا تستجيب لمفعوله .. فالدواء إذن ينفع ولكن ليس إلى الأبد إنّما في حدود معيّنة.
ومثل آخر من واقع الطبيعة أنّ الخبراء بعد التفكير والتجريب والتخطيط أطلقوا (أبولو ١٣) الى الفضاء ، وبعد أن وصل إلى المكان المعيّن تعطل عن العمل ، وعسكريّا حاولوا غزو إيران ، مع الأخذ بعين الإعتبار كل الاحتمالات والاستعداد لمواجهتها ، ولكنّهم عند التنفيذ فشلوا ، وتهاوت طائراتهم كأوراق الخريف في صحراء طبس ... ممّا يدل على وجود هامش لا قدرة للإنسان في السيطرة عليه ، بل قد يبدأ الهامش من الإنسان نفسه فإذا به يفقد السيطرة على ذاته فضلا عن عمله ، فربما يختل توازنه الذهني ، وربما يتعطّل شيء في جسده.
ومن المعايشات اليومية قد يدفع الإنسان صدقة أو يعمل خيرا في أوّل يومه ، فيعرض له حادث مميت ينجو منه ، بينما يموت في يوم آخر بسبب تافه. أليس كذلك؟ إذن فهناك قوة غيبية تدبّر شؤوننا ، ولا يوجد شيء في الحياة يسمّى بالصدفة ، إنّما هي تدابير إلهية فوق الإرادات والسنن.
وروي أنّ أمير المؤمنين (ع) عدل من حائط مائل إلى مكان آخر ، فقيل له : يا أمير المؤمنين تفرّ من قضاء الله؟ فقال (ع) : «أفرّ من قضاء الله إلى قدره» (١) ، فقدر الله أنة الجدار المائل يسقط ، والذي يجلس عنده يتضرّر ، وقد وهب الله للإنسان العقل الذي يتعرّف به على هذه الحقيقة ، أمّا قضاؤه فإنّه تعالى يبعث في
__________________
(١) بح / ج (٥) ص (٩٧).