(وَاسْتَكْبَرْتُمْ)
عن الحق ، فلم تؤمنوا به بالرغم من البينات التي تواترت على صدقه.
بلى إنّ الحجاب الكبير الذي يحجز نور الايمان عن قلوبهم هو استكبارهم في الأرض ، وظلمهم للناس. أو ليس الظلم ظلاما دامسا؟
(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
[١١] ما الذي يمنع الظالمين من الايمان بالرسالة؟ إنّه استكبارهم على الناس ، واعتقادهم بتميّزهم عنهم ، حتى لو سبق طائفة منهم إلى الايمان بالرسالة كفروا بها ترفّعا عن التساوي معهم ، وقالوا : كيف نسمح لأنفسنا أن نكون عند الناس من اللاحقين ، بينما يسبقنا إلى الرسالة من هم أدنى منّا؟ إذا دعنا نكفر بها خشية العار!
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ)
لقد كانت القبائل العربية في الجاهلية شديدة الخلاف بينها ، تتعالى على بعضها ، ولا ترضى أن تعترف بأيّة فضيلة لبعضها ، فاذا آمنت قبيلة كفرت المنافسة لها حتى لا تسجّل لخصمها نقطة عليها.
مثلا كانت قبيلة غفار البدوية تستصغر من قبل قريش ، وتسمّيها الحلفاء استهانة بها ، فلمّا أسلم أبو ذر الغفاري وأسلمت معه قبيلته قالت قريش : غفار الحلفاء!! لو كان هذا خيرا ما سبقونا إليه. (١)
__________________
(١) قال ابن المتوكل أنّ الآية نزلت فيهم (تفسير القرطبي ج ١٦ ص ١٨٩).