وهكذا كفرت بنو عامر وغطفان وتميم وأسد وحنظلة وأشجع ، وقالوا لمن أسلم من غفار وجهينة ومزينة وخزاعة : لو كان ما جاء به محمّد خيرا ما سبقنا إليه رعاة البقر البهم إذ نحن أعز منهم. (١)
كما أنّ اليهود الدين استوطنوا الجزيرة العربية بزعم انتظارهم للنبي الموعود فيها كفروا بالنبي بعد إيمان العرب به ، وقالوا : (لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ).
كما أنّ قريشا كفرت بالرسالة حين رأت مبادرة الموالي من أمثال بلال وصهيب وعمّار إليها. إنهم كانوا يبحثون عن دين يقوّي نفوذهم في الطبقات الدنيا لا أن يساويهم بها.
وهكذا اليوم نجد الدعوات الصلاحية التي يستجيب لها المحرومون والمستضعفون تلقى الصدّ من قبل المترفين والمستكبرين ، بدعوى أنّنا أعرف منهم وأعلى مقاما فلا يجوز أن نعترف بحقوقهم أو بميزتهم علينا في السبق إليها. أو ليس السابقون هم المقرّبون؟!
كما أنّ بعض السفهاء يخالفون الحق ويمنعون عن أنفسهم خيراته لمجرّد أن منافسيهم سبقوهم إلى الايمان به. إنّ ذلك من بقايا العصبيات الجاهلية التي تمنع نور الهدى.
(وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ)
بسبب عصبياتهم وظلمهم واستكبارهم فانّهم يبحثون عن تبرير لجحودهم يقنعون به الضعفاء منهم ، بل ويريحون نفوسهم التي تلومهم أبدا على ترك الحق ، فتراهم يتهمون الرسالة بالإفك.
__________________
(١) قال الكلبي والزّجاج وحكي عن ابن عباس ان الآية نزلت فيهم (المصدر ص ١٩٠).