وعمان.
وقال بعضهم : كانت جنوب الجزيرة باتجاه اليمن أو في سواحل بحر العرب بين عمان وعدن ، وقيل أنّهم كانوا مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشّحر. (١)
ويبدو أنّ ذكر الأحقاف هنا للدلالة على أنّ الله أسبغ عليهم نعمة الماء والكلأ في موقع يندران فيه أي بين التلال الرملية المتحرّكة ، وكان عليهم أن يشكروا نعمة الله ، ويستجيبوا للنذر. أو لا يرون طبيعة الأرض من حولهم ، وكيف تكاد الرمال المتحرّكة تبتلع حضارتهم الهشّة ، ولكنّهم اغتروا ، وتجبروا ، واستكبروا في الأرض بغير الحق ، وفسقوا عن أمر ربهم فجاءتهم عاصفة رملية دمّرت حياتهم.
(وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ)
لعلّ المراد من هذه الكلمة : أنّ النذر توالت عليهم في فترات متعاقبة قبل بعثة هود ، فبعضهم كانوا قريبين من عصره «مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ» ، بينما كان بعضهم بعيدين من عصره «من خلفه» ، والله العالم.
(أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ)
هذه هي الرسالة بصورة مختصرة ، وهي تحتوي على سائر التعاليم ، فمن عبد الله وحده تعبّد بالشريعة التي أمر بها ، ومن عبد الله وحده كفر بالطاغوت وكلّ مستكبر وظالم ، ورفض التبعية ، ومن عبد الله وحده لم يسترسل مع شهوات الدنيا حتى الهلاك.
(إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)
__________________
(١) راجع التفاسير وبالذات تفسير القرطبي / ج (١٦) ص (٢٠٤) وتفسير نمونه (بالفارسية) / ج (٢١) ـ ص (٣٥١).