حيث أعدّها الله دارا لضيافته ، ودعا إليها كرام خلقه ، وها هو الرسول يحدّثنا ألا تسمعون : فيدخل (المؤمن الجنة) فاذا هو بشجرة ذات ظل ممدود ، وماء مسكوب ، وثمار مهدلة ، يخرج من ساقها عينان تجريان ، فينطلق إلى إحداهما فيغتسل منها فيخرج عليه نضرة النعيم ، ثم يشرب من الأخرى فلا يكون في بطنه مغص ولا مرض ولا داء أبدا ، وذلك قوله : «وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً» ، ثم تستقبله الملائكة فتقول : طبت فادخلها مع الخالدين ، فيدخل فاذا هو بسماطين من شجر ، أغصانها اللؤلؤ ، وفروعها الحليّ والحلل ، ثمارها مثل ثدي الجواري الأبكار ، فتستقبله الملائكة معهم النوق والبراذين والحلي والحلل فيقولون : يا ولي الله اركب ما شئت ، والبس ما شئت ، وسل ما شئت ، قال : فيركب ما اشتهى ، ويلبس ما اشتهى ، وهو على ناقة أو برذون من نور ، وثيابه من نور ، وحليّه من نور ، يسير في دار النور ، معه الملائكة من نور ، وغلمان من نور ، ووصائف من نور ، حتى تهابه الملائكة ممّا يرون من النور ، فيقول بعضهم لبعض : تنحّوا فقد جاء وفد الحليم الغفور ، قال : فينظر إلى أوّل قصر له من فضة مشرفا بالدرّ والياقوت فتشرف عليه أزواجه فيقولون : مرحبا مرحبا انزل بنا ، فيهم أن ينزل بقصره ، قال : فيقول الملائكة : سر يا ولي الله فان هذا لك وغيره ، حتى ينتهي إلى قصر من ذهب مكلل بالدر والياقوت فتشرف عليه أزواجه فيقلن : مرحبا مرحبا يا ولي الله انزل بنا ، فيهمّ أن ينزل به فتقول له الملائكة : سر يا ولي الله فانّ هذا لك وغيره.
قال : ثم ينتهي إلى قصر مكلل بالدر والياقوت فيهمّ بالنزول بقصره فيقول له الملائكة : سر يا وليّ الله فانّ هذا لك وغيره ، قال : ثم يأتي قصرا من ياقوت أحمر مكللا بالدر والياقوت فيهمّ بالنزول بقصره فيقول له الملائكة : سر يا ولي الله فانّ هذا لك وغيره ، قال : فيسير حتى أتي تمام ألف قصر ، كلّ ذلك ينفذ فيه بصره ، ويسير في ملكه أسرع من طرف العين ، فاذا انتهى إلى أقصاها قصرا نكّس رأسه ، فتقول