هذه هي صفة الجنة.
(الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ)
الذين يتبعون الحق ، ويتجنبون ما يسخط ربهم ، ويحفظون أنفسهم من النار ، وما يوجبها من سيئات.
(فِيها أَنْهارٌ)
متنوعة أولا.
(مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ)
غير متغير لطول المقام كما تتغير مياه الدنيا ، ذلك ان الجنة طاهرة من النجاسات والجراثيم والأدران. وقال بعضهم : إن هذا النهر وضع لرفع عطشهم. وأقول : بلى. وأيضا لتطهير أجسادهم وأرواحهم من شوائب الحياة الدنيا فاذا شربوا منها نظفت أبدانهم من كل جرثومة أو مرض كما طهرت قلوبهم من كل غلّ .. ونستوحي ذلك من عدم قابلية الماء للأسن والتغيير. وإذا عرفنا ان الماء بذاته مطهر ، فان مقاومته للتأثر تعني انه ماء مطهر لكل نجاسة ، لأنه لو لم يكن كذلك إذا كان يتأثر بها ، ويدل على ذلك أيضا الحديث الذي مضى آنفا عن رسول الله صلّى الله عليه وآله.
(وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ)
فلا يعتريه شيء من العوارض التي تصيب الألبان في الدنيا ، ونحن نعرف ان اللبن شراب يقوم بدور الطعام ، أو طعام متكامل في صورة شراب سائغ إلا انّه قد يتغير بسبب سرعة اجتذابه للجراثيم. بيد ان لبن الآخرة يقاوم الجراثيم ، فهو إذا غذاء سائغ هدفه بعث القوة في أبدانهم.