أمير؟!» (١).
وإنّ المؤمن يعيش حياة الصدق ، لأنّه يعيش في إطار الحق فلا يحتاج إلى التبرير والتلبيس والدجل ، بينما يعيش أصحاب الهوى الالتواء والأعذار والزيف. إنّ ضمائرهم ترفض باطلهم لو لا أنّه يزيّن لهم ، ويلبس بالحق ، ويبرر بصنوف المعاذير. أرأيت الذي يطعم العسل لا يحتاج إلى خلطه بمادة أخرى ، بينما الذي يجترع العلقم لا يستسيغه إلّا إذا وضع فيه قطعة حلوى. كذلك الحق والباطل. فهل الحاكم المنتخب بنزاهة ، العامل بالعدل ، الحكيم ، الصادق ، الصالح ، بحاجة إلى الاعلام كالطاغية الظالم الطائش الفاسد؟
وهكذا نجد الدول كلّما توغّلت في الظلم كلّما أنفقت على الدعاية.
كما نجد أكثر الفلسفات البشرية جاءت لتبرير واقع فاسد للناس فرادى أو جماعات ، ففي العهد الماضي ابتدعت نظريات كثيرة كالمرجئة والقدرية لتبرير الواقع الفاسد للافراد وحالات الترهل والكسل ، كما انتشر في العصر الحديث الفساد الجنسي ، وغطت أوروبا الميوعة والمجون ، فجاء فرويد بنظريته الجنسية المعروفة.
[١٥] لكي يتعمق الفصل بين فريقي المؤمنين والكافرين في أعيننا حتى لا نزعم انهما سواء ، ونستدرج ـ بسبب هذا الزعم ـ نحو الكفر ، ولكي نرغب في الايمان بما يلقيه على عواتقنا من مسئوليات ، ونحذر من الكفر بالرغم مما حفت به من شهوات ، لكل ذلك يذكرنا السياق بمصير الفريقين ، ويبين صفات الجنة والنار :
(مَثَلُ الْجَنَّةِ)
__________________
(١) نهج / حكمة ٢١١ ـ ص ٥٠٦