المقطعات من القطران ، وأقرنوا مع فجارها وشياطينها ، فاذا استغاثوا بأسوء أخذ من حريق شدت عليهم عقاربها وحياتها ، ولو رأيت مناديا ينادي وهو يقول : يا أهل الجنة ونعيمها ويا أهل حليّها وحللها ، خلّدوا فلا موت ، فعندها ينقطع رجاؤهم وتنغلق الأبواب ، وتنقطع بهم الأسباب ، فكم يومئذ من شيخ ينادي ، وا شيبتاه! وكم من شاب ينادي وا شباباه! وكم من امرأة تنادي وا فضيحتاه! هتك عنهم الستور. فكم يومئذ من مغموس ، بين أطباقها محبوس ، يا لك غمسة ألبستك بعد لباس الكتّان ، والماء المبرد على الجدران ، وأكل الطعام ألوانا بعد ألوان. لباسا لم يدع لك شعرا ناعما كنت مطعمه إلا بيّضه ، ولا عينا كنت تبصر بها الى حبيب إلا فقأها» (١)
(وَسُقُوا ماءً حَمِيماً)
إنهم لا يستسيغونه بل يضطرهم عطشهم الشديد الى شرب الماء الذي يغلي حرارة.
(فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ)
وهنا ننقل حديثا رهيبا مأثورا عن الامام الباقر (عليه السلام) يصف فيه بعضا من عذاب الكافرين :
ثم يضرب رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتى ينتهي الى عين يقال لها آنية ، يقول الله تعالى : «تسقى من عين آنية» وهو عين ينتهي حرها وطبخها ، وأوقد عليها من خلق الله جهنم ، كل أودية النار تنام وتلك العين لا تنام من حرها ، ويقول الملائكة : يا معشر الأشقياء ادنوا فاشربوا منها ، فاذا أعرضوا عنها ضربتهم الملائكة بالمقامع ، وقيل لهم : «ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ
__________________
(١) بحار الأنوار / ج ٦٨ ـ ص ١٧٢